الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، نوفمبر 08، 2023

نص مفتوح "شهيق المتاهات التجريدية " عبده حقي


لم أسكن مطلقًا في الحرم .. ان مسكني يتجاوز مجرد إحداثيات الجسد. قلبي، منارة مضيئة، يومض وسرعان ما يتعثر في انتظار العتبات. إنني متذوق لما هو غير محصور، أشبه بكيان شجري اختارته العاصفة، أو سفينة تبحر في الأمواج السماوية التي يقودها شرر بحار سماوي. إن بنية النظرة غير المترفة الشبيهة بنظرة السحلية، أو اتساع أوراق الشجر التي لا تعد ولا تحصى، كلها تجذب انتباهي.

في المسرح الحصري لوجودي، فقط النساء اللاتي يتحدين قيود العصر هم من يحتلن مركز الصدارة. إما أن يصعدوا نحوي، مدفوعين بأبخرة الهاوية، أو يتباطأن كأشباح سريعة الزوال، لا تكاد تسبقني بخطوة الطبل.

كل لقاء مع هذه الوجوه الرائعة هو فصل في كتاب مذكراتي - حكاية مغزولة بخيوط من التناقض والألغاز. لم يتم تعريفهم بواسطة قالب العصر؛ إنهم المسافرون الشجعان لمصيرهم. خطواتهم تردد رواية التحدي ضد أغلال الزمن، وجوهرهم ينضح برائحة التمرد التي تغري وتخدع.

أنا الموجود على الهوامش، على هامش المألوف، أبحث عن العزاء في النادر وغير التقليدي. يتردد صدى جوهري مع التناغمات المتنافرة، والإيقاع غير المنتظم للوجود الذي يأسر الحواس ويتحدى الأعراف. أنا نذير غير التقليدي، حارس الغريب، قبطان يبحر في أروقة الوجود.

روحي متشابكة مع الزائل، رقصة أثيرية مع غير الملموس. في نبض اللحظة، واللمسة العابرة لعاطفة غير ملموسة، والصورة الظلالية العابرة للروح الجامحة أجد سبب وجودي. أنا مطارد لما لا يمكن تفسيره، ومستكشف للمناطق المجهولة في الداخل والخارج.

جوهري مخطوطة غير مكتوبة، عمل محفور على نسيج الصدفة، حيث كل لقاء، كل لحظة عابرة، تنسج فصلاً جديدًا، حكاية جديدة يتردد صداها خارج حدود الزمن. أنا لست بطل الرواية، بل متفرجًا في مسرح الحياة، أراقب وأستوعب وأستمتع باللغز الذي ينكشف رويدا رويدا ، وأنا مفتون دائمًا بالأسرار البعيدة عن العين الدنيوية.

في هذا الرقص الكوني، حيث الدوران الدنيوي والاستثنائي في تزامن سماوي، لست سوى شاهد متواضع، معجب بالمشهد الكبير الذي نظمته يد القدر غير المرئية. أنا نذير المجهول، وشاعر الحكايات التي لا توصف، وفي هوامش الوجود، أجد إقامتي - ملاذًا حيث يسود الاستثنائي.

أجد نفسي مجرد متفرج في الشوارع حيث كل هبة رياح تحمل قصصًا لا توصف. ومن بين هذه الأزقة التي تعصف بها الرياح، تظهر الذاكرة الحية لملكة بيزنطية . عيناها مثل لمحات عابرة عبر البحار البعيدة. أتجول في هذه الشوارع، دون أن أجد طريق العودة إلى أحياء مزدحمة، حيث ظهرت لي ذات مرة.

تضاعف انعكاسها إلى ما لا نهاية في زجاج السيارات المارقة وفي مرايا بائعي البنفسج، وهو سراب يتلاشى بسرعة . لقد برزت بين الجميع، شخصية غامضة، تذكرنا بطفل الكهوف، تحتضن العناق الدائم لليلة الإسكيمو الأبدية. وبينما كان ضوء الفجر الخافت يلهث، ويحفر رنته على زجاج النافذة، بقيت في أفكاري مثل الحلم.

وبعد ذلك، ظهرت العرافة، المزينة بالألوان الرقيقة لزهرة الكبوشي، في الحافلة في طريقها إلى حارتي. كان حضورها، مثل لحظة عابرة متجمدة في الزمن، يتردد صداه مع هدوء لا يمكن تفسيره، وهو مشهد ترك علامة لا تمحى وسط فوضى اليوم.

في الرقص الدقيق بين الواقع والذكريات، تتشابك هذه شخصياتي، كل واحدة منها فريدة من نوعها في جوهرها، في نسيج ذكرياتي. إنهم يصبحون شخصيات في مسرحية الوجود، ينسجون أنفسهم في نسيج أفكاري، ويتركون في أعقابهم آثار الدهشة والانبهار.

الشوارع، التي كانت ذات يوم مجرد ممرات، تعج الآن بآثار أقدام هذه الشخصيات المراوغة. إنها تمثل أجزاء من التجربة الإنسانية، محفورة في مشهد المدينة الصاخب، وتقدم لمحة عن الطيف الغامض والمختلف للحياة نفسها.

وهكذا، في هذه الفسيفساء النابضة بالحياة من اللقاءات والذكريات، أجد العزاء في جمال اللحظات العابرة، في اللقاءات الصدفة التي تلون لوحة وجودي. كل لقاء، مهما كان قصيرًا، يصبح كنزًا من الحكايات، مما يثير الخيال ويشعل نيران التأمل في المساحة الشاسعة من المألوف.

وبينما أتجول في شوارع المدينة، أحمل في داخلي أصداء لقاءات الصدفة هذه، كل منها فصل في قصة الحياة التي تتكشف باستمرار. لأنه في قلب هذه اللقاءات يكمن جوهر الاتصال الإنساني، وهو تذكير بالجمال الذي لا يمكن تفسيره والذي يكمن في الحياة الدنيوية، ويطبع جوهره إلى الأبد في الروح.

في نسيج الوجود هذا، حيث يتلاقى العادي واللاعادي، أنا مجرد شاهد متواضع على مشهد الإنسانية، المتشابك إلى الأبد مع شظايا هذه الذكريات الحية التي لا تزال تهمس حكاياتها وسط فوضى الحياة الصاخبة.

في سيمفونية الأحداث المختلفة، أجد نفسي وسط نشاز من اللحظات، كل واحدة منها نغمة فريدة في التركيبة العظيمة للحياة. صوت رموشها المرفرفة يعطل هدوء الحلمة الفحمية، وبينما تعقد ساقيها، يهدد الكتاب ذو المشبك بالانزلاق، نذير صامت للحكايات حريصة على الهروب من قيودها.

من بين جميع الشخصيات التي واجهتها، هناك الحارس القديم المجنح للبوابة، وهو شخصية غامضة تتسلل من خلالها التكهنات خلسة بين عربات الكوتشي. تقودني على طول نهر سبو، وتكشف عن الصناديق المزينة بنقوش غامضة، وهي قصيدة مرئية محفورة على طول حافة النهر.

واقفة على بيضة اللوتس المحطمة، تضغط على أذني، وتهمس بأسرار تتجاوز المألوف. هي، من بين كل الآخرين، تبتسم من أعماق بركة بيري، وهي رؤية تظهر عندما تتبعها أحيانًا من جسر في مدينتي.

إنها تجسد سحرًا سرياليًا، ولغزًا آسرًا يتحدى التفسير العقلاني. حضورها يتحدث بالألغاز، وإيماءاتها لغة خاصة بها، ترسم مناظر طبيعية من الخيال بضربات فرشاة وجودها. إن الدنيوي ليس سوى لوحة قماشية تترك عليها آثارًا غير عادية.

نظرتها تفتح الأبواب المخفية في ذهني، وتكشف عن عوالم تفوق الفهم. إنها حارسة الأسرار، وحافظة الأشياء غير الملموسة، وترشدني عبر عوالم حيث تكون حدود الواقع غير واضحة وحيث يكون للسريالية الأسبقية.

من خلالها، يصبح العادي لوحة فنية لما هو استثنائي، وهو التحول الذي يحدث عندما تتجسد بين الحشود الدنيوية، تاركة أثرًا من الغموض في أعقابها. ينضح كيانها بهالة من الغموض، وهو جوهر يدعو المرء إلى استكشاف المجهول، واحتضان ما هو غير تقليدي وغير مبرر.

حضورها يشبه اللوحة، التي تتطور مع كل لحظة تمر. يبدو الأمر كما لو أنها تحمل لوحة الوجود، وتطلي العالم بألوان وظلال نابضة بالحياة، وتتجاوز حدود الوجود العادي.

في صحبتها، تتشابك خيوط الواقع مع نسيج الأحلام، فتطمس الخطوط الفاصلة بين ما هو كائن وما يمكن أن يكون. إنها مفارقة حية، وتذكير بأن الحياة ليست مجرد سلسلة من الأحداث، ولكنها لوحة قماشية تنتظر أن تزين بضربات الدهشة والرهبة.

وبينما أتجول في مناظر هذه اللقاءات، أصبح مراقبًا صامتًا، أستوعب الفروق الدقيقة والإكتشافات التي يكشف عنها كل تفاعل. ما أنا إلا وعاء يحمل هذه اللحظات، كل منها عبارة عن لؤلؤة معقدة مربوطة ببعضها البعض في عقد تجاربي.

ويبقى وجودها مثل لغز ثمين، لغز ينتظر حله، وحوار مستمر مع ما لا يمكن تفسيره. إنها، من بين كل الآخرين، هي تجسيد لما هو استثنائي داخل العادي، وهي تذكير بأن حكايات الحياة الأكثر سحرًا غالبًا ما تنكشف في أكثر اللحظات غير المتوقعة.

ينير المشهد موكب بطيء من المصابيح المتكئة، ملتصقًا بي، ويذكرني بقناديل البحر التي تدور داخل وهج الثريا. كان من بينهم، هناك شخص يتنكر كشخص لا أهمية له في هذه السهرة الكبرى، ويتظاهر بأنه غافل عن الأهمية التي يحملها هذا الموكب اليومي، ويتردد صداه ذهابًا وإيابًا مثل طقوس نذرية.

من بين جميع الشخصيات التي أواجهها. إنه يعيدني إلى جذوري، إلى جوهر تصوراتي. تكمن الفخامة الحقيقية في حقيقة أن أريكة الساتان البيضاء الفخمة تحمل علامة دمعة سماوية، وهو عيب يضيف عمقًا إلى فخامتها.

أتوق إلى روعة هذا المساء التي تضرب خشب الغار الخاص بك بزاوية، وتلقي ظلالاً تمتزج مع الأصداف البحرية العملاقة غير المنتظمة، وهي آثار الأنظمة الراسخة التي تظهر نفسها في الريف.

يتكشف المشهد مثل أغنية، حيث تحمل كل حركة، وكل شيء، معنى أعمق، وسردًا مخفيًا منسوجًا في نسيج عرض الأمسية. موكب المصابيح، مثل قناديل البحر المتراقصة، ينسق رقصة صامتة تهمس بحكايات عن رغبات سرية وحقائق غير معلنة.

وسط هذا الحشد السري، هناك من يغلف نفسه بجو من الانفصال، ويحجب أهميتها في عظمة هذه القضية. إنها تلعب دور المغفل، إلا أن حضورها، على الرغم من أنه يبدو غير واضح، يحمل ثقلًا يتجاوز الصخب. يعكس سلوكها الغامض خفايا الحياة، ويخفي طبقات من الأهمية تحت مظهر خارجي من اللامبالاة.

وفي خضم هذا العرض الفخم، انجذبت إلى غرائزي البدائية، وإلى صحة تصوراتي. يرمز ثراء الديوان الساتان المزخرف، الذي يتميز بتمزق سماوي، إلى التعايش بين الترف والعيوب، وهو مزيج من الجمال والعيوب الذي يتجاوز الواجهة السطحية للعظمة.

لا تكمن جاذبية مجد المساء في عرضه المتفاخر فحسب، بل في التفاعل الدقيق بين الضوء والظل، مما يعكس الخطوط غير المنتظمة لهذه الأصداف البحرية الضخمة - تجسيد الأنظمة المعقدة التي تظهر نفسها في بساطة الريف.

كل التفاصيل في هذا المشهد الكبير ترمز إلى حقيقة أكبر، وكل قطعة تحمل أهمية تتجاوز مظهرها المزخرف. تنسق المصابيح، وهي مستلقية، سيمفونية صامتة، ويلقي وهجها الخافت هالة أثيرية، تجسد الرغبات السرية والحقائق الغامضة الموجودة في الظل.

في نسيج الروعة هذا، انجذبت إلى التفاصيل الدقيقة والعناصر التي تتحدى التوقعات التقليدية للعظمة. إن التفاعل الدقيق بين النور والظلام، والبذخ وعدم الكمال، يتحدث كثيرًا عن تعقيدات الحياة، ويكشف عن الجمال الكامن داخل المخالفات والعيوب في الوجود.

وسط هندسة السلالم المصنوعة من عرق اللؤلؤ، والمزينة بانعكاسات زجاج الفانوس العتيق، أجد نفسي أسيرًا فقط لجزء من الدوار المخصص للبشر. إنه الدوار الذي يجعل الرجل يذهب إلى أبعد الحدود، مما يضمن عدم خروج أي جزء من التنافر الكبير. في بعض الأحيان، يغامر المرء بكسر الدواسة، لتحطيم إيقاع الأمورالسفلى.

أبحث عن عزائي في شقوق الصخر، حيث يقذف البحر كراته، وحيث تمتطي الخيول الكلاب وتردد حماستها في الهواء. إنه مكان حيث لم يعد الوعي هو الخبز المغطى بالملكية بل القبلة، الوحيدة التي تشعل نارها من جديد. حتى بين أولئك الذين يسلكون طريقًا مختلفًا عن طريقي، أجد انتمائي ضمن خطوط الصدع في الوجود.

وتمثل السلالم الرائعة، التي تشبه عرق اللؤلؤ اللامع، مع انعكاسات تذكرنا بزجاج الفانوس المهترئ، شهادة على واقع سريالي، وهي سيمفونية بصرية تحث الروح على استكشاف مرتفعات الوجود. ومع ذلك، ليست الجماليات هي التي تأسرني، بل الشعور بالدوار، ولمسة ذلك الإحساس المقلق والمغري الذي يبقي الروح الإنسانية متشابكة داخل نسيج الحياة الغامض.

هناك جزء من الطبيعة البشرية يتوق إلى المرتفعات المذهلة، واندفاع الأدرينالين الذي يدفعنا إلى حافة العقل. وفي هذا المسعى يذهب الأفراد إلى أقصى الحدود، ويكسرون إيقاع المألوف، ويفككون التقليدي لرؤية ما هو غير عادي. لاستكشاف مجالات الخبرة المجهولة، يتعين على المرء في بعض الأحيان كسر الأنماط الراسخة، وكسر الدواسة الرتيبة التي تحرك الروتين.

ملجأي يقع بين شقوق الصخور الصلبة، حيث يتلاطم المحيط بأمواجه الكروية، وحيث تندمج الخيول مع الكلاب، لتشكل جوقة من الأصوات البرية التي يتردد صداها عبر الأثير. هنا، الوعي ليس مصدر رزق الملوك الذين يرتدون الملابس الملكية؛ إنها القبلة المتحولة، تلك التي تشعل لهيبها، طاقة تولد من الداخل.

حتى بين أولئك الذين يسيرون في مسارات متباينة، أولئك الذين يسيرون في مسارات منفصلة عن مساراتي، أجد اتصالًا داخل شقوق الوجود. في هذه المساحات، في فجوات الحقائق المختلفة، ينسجنا خيط مشترك من الخبرة معًا، ويربط حياتنا بطرق تتجاوز المرئي والواضح.

تتباعد المسارات، وتختلف المعتقدات والتجارب، ولكن في أعمق فترات الوجود، في هوة وجهات النظر المتناقضة، هناك نقطة التقاء - مكان تتلاقى فيه تناقضات الحياة، حيث تتزامن نبضات قلب التجربة الإنسانية على الرغم من التنوع.

في الامتداد الكبير للوجود، ضمن التفاعل بين المتوقع وغير المتوقع، أجد انتمائي في الأماكن التي يلتقي فيها العادي مع الاستثنائي، حيث تتقاطع المسارات المتباينة للحظات، وحيث يتردد صدى جوهر التجربة الإنسانية مع شعور لا يمكن تفسيره ولكنه واضح.

يوجد عالم، مخالف لعالمي بشكل ملحوظ، حيث يرسخ السرد نفسه عميقًا في أسطورة الأصول. إنها تتشابك داخل القصص القديمة، وتغوص في رمال الزمن، وتحتضن الأساطير التي تربط نسيج وجودها معًا. ولكن فجأة، تستيقظ عاصفة من الرياح، تحرك الجذور النائمة، وتبدأ الأسس التي يرتكز عليها هذا العالم في الارتعاش والتأرجح بقوة، مثل رقصة أفعوانية حول تفاحة قزحية الألوان.

بالنسبة لهم، يبدو الأمر كما لو أن الكون نفسه قد تم رميه من النافذة بشكل غير رسمي، تحررًا من قيود ما لا ينبغي أن ينتهي أبدًا. ينخرط النهار والليل في تبادل عهود لا هوادة فيه، على غرار قيام العشاق بالعثور على شعار أصلهم المشترك وفقدانه في شقوق الزمن.

أوه، الحركة الكبرى والملموسة التي من خلالها يتمكن الآخرون من أن يصبحوا ملكي، حتى أولئك المغلفين بضحكة الحياة، المغمورين في زخارف وجودهم الصارمة.

هذا العالم، في تناقض صارخ مع عالمنا، هو عالم تشكله الحكايات والملاحم، حيث يتجذر جوهر الوجود في السجلات الدائمة لبداياته. تنغمس في الأساطير القديمة، وتنسج قصة تعشش في رمال الزمن، وتجد عزاءها في الحكايات التي شكلت هويتها.

ومع ذلك، وسط هذه القصة السريالية الهادئة، يحدث اضطراب مفاجئ يعطل الهدوء. تظهر عاصفة، وترسل أسس هذا العالم إلى حالة من الجنون. تبدأ المنحدرات، التي كانت مستقرة ورواقية، في رقصة غير منتظمة حول تفاحة مضيئة، وترتعش كما لو كانت عالقة في رقصة سماوية.

في خضم هذه الاضطرابات الفوضوية، يبدو الأمر كما لو أن الكون، كما يعرفونه، يُلقى من النافذة، ليحرر نفسه من قيود السرد الذي لا ينتهي. وعود وأسرار التجارة ليلا ونهارا، وتبادل أبدي يشبه العشاق المتورطين في رقصة الزمن الدقيقة، الذين يخسرون باستمرار ويجدون رمز اتحادهم.

هذه الحركة العظيمة والمثيرة التي تؤثر عليهم بعمق هي القوة ذاتها التي تربطهم بوجودي. حتى أولئك الذين يبدو أنهم محجبون في أثواب جدية الحياة الصارمة يجدون أنفسهم محاطين بضحكة الوجود، ويصبحون أجزاء من فسيفساء التجارب المشتركة.

في تقارب عالمهم مع عالمي، هناك اعتراف غير معلن - اتصال عميق يتجاوز التباينات الظاهرة. في لحظات الاضطراب والتوحيد هذه، تتلاشى الحدود بين سردهم وروايتي، مما يخلق جسرًا يربط بين الحكايات المتباينة، ويوحدهم في رقصة صوفية سماوية كبيرة.

وبينما تصبح هذه التفاحة القزحية مركزًا للرقص المتقد، ويرتعش نسيج عالمهم تحت وطأة التغيير، أشهد حقيقة عالمية - حقيقة حتى في خضم الاختلاف، يتشابك الضحك ونبض الوجود المشترك لتوحيد معظم الناس. تناقض القصص. في هذا الالتقاء، أجد خيوطًا تتشابك مع روايتي، لتشكل روابط يتردد صداها عبر نسيج الحياة المليء بالضحك.

في أنظار أولئك الذين تمزق عيونهم اللون القرمزي في أجمات التوت، أجد نفسي منجذبًا، نحو وجهة مجهولة. معصوب العينين، تشتعل وتنجرف بعيدًا، وتغادر بطريقة لا أعرفها. بغض النظر عن كيفية ضربهم، فإن إعدادات أماكنهم موضوعة ضمن مملكتي.

 

معطفي الرائع مزينًا بالهدال، ورأسك مرفوعًا فوق كل هذه الحواجب المنحنية. يواكيم فلورا بقيادة الملائكة المخيفة، الذين، في ساعات معينة، حتى اليوم، يطوون أجنحتهم فوق الضواحي حيث تلتف المداخن، مما يدعو إلى التقارب في الحنان، ويحث على حل أقرب في متناول اليد.

أولئك الذين تحفر نظراتهم الثاقبة شقوقًا نارية وسط شجرة العليق الوارفة، يدعونني إلى الأمام، ويرشدونني نحو طريق غامض تظل وجهته محجوبة. يبدو الأمر كما لو أنني أُنقاد، لكن وجهتي تستعصي على الفهم. معصوب العينين، تحترق، تنأى بنفسك، وتغادر دون مسار واضح. ومهما كان من الممكن أن يتركوا بصماتهم، فإن موقعهم تجد مكانها داخل حرم بيتي.

عباءتي الملكية، المزينة بالهدال النبيل، ووجهك شاهق فوق كل هذه الرؤوس المنحنية. بقيادة ملائكة مذهلة، ما زال في لحظات معينة يطوي أجنحته السماوية فوق الضواحي، حيث ترتفع المداخن، مما يدعو إلى حل أقرب، وعلاقة حميمة في الحنان.

في عيون أولئك الذين ترسم نظراتهم خطوطًا قرمزية عبر شجيرات التوت الأسود الناضجة، تكمن قوة قاهرة، وجذب مغناطيسي نحو رحلة غير مؤكدة. إنهم، بنظراتهم التي لا يسبر غورها، يقودونني نحو وجهة مجهولة لذاتي الواعية. معصوب العينين، تشتعل، وتنجرف بعيدًا، وتغادر بطريقة تتهرب من فهمي. مهما كانوا قد حفروا بصمتهم، فإن وجودهم يزين المناظر في بيتي.

في النظرات الثاقبة لأولئك الذين يحفرون أنماطًا قرمزية على أوراق الشجر، تكمن جاذبية مغناطيسية، تسحبني نحو مسار مجهول. نظرتهم الغامضة والمقنعة تقودني نحو مصير غير مألوف. معصوب العينين، تومض وتتراجع، وتنحرف بعيدًا بطريقة لا يفهمها وعيي. ومع ذلك، فإن جوهرهم يظل مطبوعًا، ووجودهم يقبع داخل حدود قدسي.

 

0 التعليقات: