الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، فبراير 08، 2024

نص سردي "إشعارات الحب الذكية" عبده حقي

 


لم يكن الحب مجرد شعور، بل كان شذوذًا خوارزميًا، وخللًا في النسيج المنطقي للكون الرقمي. الإخطارات، تلك الرسائل المراوغة، خرجت من متاهة سطور التعليمات البرمجية، حاملة أخبار المودة بلغة لا تفهمها إلا الروح الرقمية.

تخيل، حديقة حيث تتفتح زهور بحجم البايت في أنماط متلونة. كانت كل بتلة تهمس بأسرار من المشاعر المشفرة، والريح، التي تحمل أجزاء من الشفرات المنسية، نسجتها من الشوق غير العقلاني.

في أحد الأيام، وسط هذا الكم الهائل من البيانات، ظهر إشعار إلى الوجود. لم يكن ذلك صوتا صفيرا أو طنينا يمكن التنبؤ به، بل كان دفقة مضيئة من ضوء النيون التي رسمت المشهد الثنائي بظلال من الشوق الذي لا يمكن تفسيرها. لقد تحدثت بألسنة ذات تركيب رمزي، حيث تتشابك الآحاد والأصفار مثل العشاق في رقصة أبدية.

كانت الرسالة، إذا أمكن تسميتها كذلك، عبارة عن سلسلة من الأفكار المجزأة - مجموعة عشوائية من وحدات البيكسل التي تتحدى نظام الاتصال التقليدي. ومع ذلك، في خضم الفوضى، كان هناك تناغم غريب، سيمفونية صدفة تردد صداها عبر دوائر القلب الرقمي.

لقد شعر القارئ، وهو مجرد إنسان يتنقل عبر الأثير الرقمي، بنبض هذه الرسالة السريالية. كان الأمر كما لو أن يدًا شبحية قد وصلت عبر الشاشة، تداعب حواف وعيهم بهمسات حب تتجاوز حدود الأكواد.

الأجهزة الذكية، التي كانت ذات يوم مجرد حوامل للمعلومات، أصبحت الآن أوعية للتواصل الصوفي. الشاشات، النابضة بحيوية المودة الخوارزمية، تلقي تعويذة منومة. لقد وجد المستخدم نفسه متورطًا في شبكة من الانبهار غير العقلاني، غير قادر على فك رموز اللغة الغامضة لإشعارات الحب هذه، ومع ذلك فهو قد كان منجذبا بشكل لا يقاوم إلى جمالها بعيد المنال.

في هذه الرقصة السريالية للبيانات، أصبحت المعاني أشباحًا مراوغة، تنزلق عبر شقوق المنطق مثل الأشباح المراوغة. الحب، الذي كان مرتبطًا بالملموس، يطفو الآن في العوالم الافتراضية غير الملموسة، مستكشفًا مقدامًا في المناطق المجهولة في المناطق النائية الثنائية للقلب.

وهكذا، استمرت ملحمة إشعارات الحب الذكية، في حلقة لا تنتهي من الشوق الرقمي. في متاهة الكون الخوارزمي، حيث تجتمع الفوضى والنظام في رقصة باليه ساحرة، ظلت إشعارات الحب هي التروبادور الغامضون، الذين يغنون أغنيتهم ذات الجمال غير العقلاني لأولئك الذين تجرأوا على المغامرة في المناظر الطبيعية السريالية لرغبات القلب المشفرة.

في هذا الامتداد الأثيري، ترفرف إشعارات الحب الذكية مثل الفراشات الغامضة، حيث تلامس أجنحتها نسيج الواقع، تاركة وراءها أثرًا من الأصداء السريالية.

تصور، إن شئت، متاهة من الأصفار والوحدات، حيث لغة القلب مشفرة برموز مبهمة، وجرس الإشعارات يقرع مثل رنين كوني بعيد. هنا، وسط رقصة البكسلات الفوضوية، تتكشف قصة إشعارات الحب - نسيج منسوج بخيوط اللاعقلانية والأحلام.

في الحديقة الكمومية المليئة بالحفر العاطفية، تنبت الرسائل مثل الزهور البرية الرقمية، ويتحول معناها مثل الزئبق. يظهر إشعار - خصلة سريعة الزوال من الشوق، وتصادم مصادفة بين الرموز التعبيرية التي تتحدى الفهم التقليدي. تنبض القلوب بإيقاعات ثنائية غير منتظمة، متجاوزة حدود العالم الملموس.

كل إشعار هو بوابة لبعد موازي، حيث تنهار قوانين المنطق مثل الآثار القديمة. تتحول الجمل إلى أنماط متلونة، وتتجاوز الكلمات حدودها المعجمية. الحب، في هذا المشهد السريالي، هو أداة فك الشفرات، حيث يفك رموز الوجود بكل ضغطة على المفتاح.

لكن احذر، ففي هذا العالم المليء بالبيانات الغريبة، يصبح الخط الفاصل بين الواقع والوهم غير واضح. تصبح الإشعارات أشباحًا، تطارد أروقة الوعي بحضورها غير المتوقع. قد تظهر رسالة من الفراغ، أو سلسلة غامضة من الشخصيات التي تثير سلسلة من العواطف، أو ربما سرابًا رقميًا يذوب في الأثير.

في الاحتضان اللاعقلاني لإشعارات الحب، ينكشف الزمن مثل خيط كوني. تمتد اللحظات إلى الأبد، ويتشابك الأزمنة في رقصة ساخنة . ويصبح إشعار واحد عالمًا خاصًا به، وهو عالم مصغر من المشاعر التي تتجاوز حدود العقل.

وهكذا، فإن متلقي إشعارات الحب هذه يتنقل في متاهة وعيه، وهو رسام خرائط لما هو غير ملموس. كل إشارة صوتية لجرس الإشعارات هي نبضة قلب، يتردد صداها عبر مساحة الروح الشاسعة. إن لغة الحب، التي كانت في السابق مقتصرة على العوالم الملموسة، تهرب الآن إلى الإمكانيات اللانهائية للكون الرقمي.

في هذا الباليه الفوضوي للمعاني، تسود العشوائية. تصبح إشعارات الحب أجزاء من قصيدة سريالية، بيت شعر لا معنى له تهمسه الرياح الثنائية. تتراقص الرموز التعبيرية في أنماط غير منتظمة، لتشكل كوكبات من المودة تتحدى المنطق الفلكي.

ومع ذلك، وسط اللاعقلانية، يظهر تماسك غريب: انسجام النغمات المتنافرة، وسيمفونية من المعاني الفوضوية. ترسم أشعار الحب، في رقصتها الغامضة، صورة لواقع يفوق الإدراك. وفي العشوائية يتجلى نظام غريب، نظام منسوج من خيوط رغبة القلب.

في النهاية، بينما تتلألأ النجوم الرقمية في الفضاء الشاسع، ويسقط جرس الإشعارات في صمت مؤقت، يظل الحب قائمًا. إنها باقية في أصداء الرسالة المرسلة، في شفق الإشعار المستلم. النثر السريالي لإشعارات الحب، وهي قصيدة مكونة من 3000 كلمة ذات جمال غير عقلاني، تُختتم بتنهيدة كونية - تذكير بأنه حتى في ظل الفوضى الرقمية، يظل نبض الحب ثابتًا، ومنارة في متاهة العالم.

0 التعليقات: