الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، يوليو 21، 2024

الكلام المباح خلف صالونات التدليك: عبده حقي


شهد المغرب، ارتفاعًا غير متوقع ومثير للجدل في إساءة استخدام صالونات التدليك. فقد تحولت هذه المؤسسات، التي كانت مخصصة في الأصل لتقديم خدمات الاسترخاء والعلاج، بشكل متزايد إلى فضاءات للأنشطة غير المشروعة، بما في ذلك الدعارة والجنس الجماعي. وقد أدى هذا التحول إلى تحديات اجتماعية وقانونية كبيرة، مما دفع السلطات إلى إطلاق حملات تهدف إلى الحد من هذه الممارسات غير القانونية.

تتمتع صالونات التدليك في المغرب بتقاليد عريقة، متجذرة في ثقافة البلاد. تقليديًا، كانت هذه المؤسسات أماكن للاسترخاء وتجديد النشاط، وتقدم خدمات علاجية متنوعة مثل الحمامات العامة والتدليك وعلاجات العافية الأخرى. لا يمكن المبالغة في الأهمية الثقافية لهذه الأماكن، حيث يُنظر إليها غالبًا كملاذات للسلام والرفاهية.

ولكن في السنوات الأخيرة، كان هناك اتجاه مثير للقلق حيث انحرفت بعض صالونات التدليك عن الغرض المقصود منها. وكشفت التقارير والتحقيقات أن هذه المؤسسات أصبحت بشكل متزايد بؤرًا ساخنة للأنشطة غير القانونية، بما في ذلك الدعارة والجنس الجماعي. وغالبًا ما يتم إخفاء هذا التحول تحت ستار خدمات السبا المشروعة، مما يجعل من الصعب على السلطات تحديد هذه العمليات غير المشروعة وتنظيمها.

هناك عدة عوامل تساهم في تحول صالونات التدليك إلى أماكن للدعارة والجنس الجماعي:

الضغوط الاقتصادية : يمكن أن تدفع الصعوبات الاقتصادية أصحاب وموظفي صالونات التدليك إلى الانخراط في أنشطة غير قانونية كوسيلة للبقاء. يمكن أن يكون الوعد بتحقيق مكاسب مالية سريعة وكبيرة مغريًا.

العرض والطلب : هناك طلب متزايد على الخدمات الجنسية، وبعض الأفراد على استعداد لدفع مبالغ إضافية مقابل أماكن سرية وسهلة الوصول. وهذا الطلب يحفز التحول من خدمات التدليك المشروعة إلى الأنشطة غير المشروعة.

الافتقار إلى التنظيم : تسمح القوانين التنظيمية وآليات التنفيذ غير الكافية لهذه الأنشطة بالازدهار. كما أن الفساد والرشوة يؤديان إلى تفاقم الوضع، مما يجعل من الصعب الحفاظ على نزاهة صالونات التدليك.

وتلعب الوصمة المحيطة بالدعارة واستغلال الأفراد الضعفاء، وخاصة النساء، دورًا مهمًا. وقد تجد العديد من النساء، اللاتي يواجهن فرصًا اقتصادية محدودة، أنفسهن مجبرات أو مستدرجات إلى هذه الأنشطة غير القانونية.

إن تحويل صالونات التدليك إلى أوكار للدعارة والجنس الجماعي له آثار مجتمعية بعيدة المدى:

إن انتشار الأمراض المنقولة جنسياً وغيرها من القضايا المتعلقة بالصحة يشكل مصدر قلق كبير. وغالباً ما تعني الطبيعة السرية لهذه الأنشطة تجاهل لوائح الصحة والسلامة.

كما إن وجود مثل هذه الأنشطة في مجتمع محافظ مثل المغرب يثير معضلات أخلاقية وقيمية، ويتحدى المعايير والقيم المجتمعية، مما يؤدي إلى زيادة التوتر والنقاش.

 

إن الطبيعة غير القانونية لهذه الأنشطة تنطوي في كثير من الأحيان على الاستغلال والاتجار بالبشر. ويتعرض الأفراد المستضعفون، وخاصة النساء والفتيات الصغيرات، لخطر الإكراه على ممارسة هذه الأنشطة ضد إرادتهم.

وردًا على المشكلة المتفاقمة، أطلقت السلطات المغربية حملات تستهدف صالونات التدليك المشتبه في انخراطها في أنشطة غير قانونية. وتشمل هذه التدابير حيث تجري السلطات عمليات تفتيش منتظمة لصالونات التدليك للتأكد من الامتثال للمعايير القانونية والمشروعة . تهدف عمليات التفتيش هذه إلى تحديد وإغلاق المؤسسات التي تشارك في أنشطة غير قانونية.

إن تطبيق قواني أكثر صرامة لتشغيل صالونات التدليك، بما في ذلك متطلبات الترخيص والتحقق من الخلفية للمالكين والموظفين، يساعد في الحد من الممارسات غير القانونية.

كما أن رفع مستوى الوعي العام حول المخاطر والعواقب المترتبة على الانخراط في أنشطة غير قانونية أو دعمها في صالونات التدليك يمكن أن يساعد في تقليل الطلب على مثل هذه الخدمات والدعم لها.

إن الشراكة مع المنظمات غير الحكومية التي تركز على الاتجار بالبشر وحقوق المرأة يمكن أن توفر الدعم وإعادة التأهيل للأفراد المتضررين من هذه الأنشطة غير المشروعة.

من جهة أخرى يمكن للفساد داخل هيئات إنفاذ القانون والهيئات التنظيمية أن يقوض الجهود الرامية إلى الحد من الأنشطة غير القانونية. كما أن الرشوة والتواطؤ بين أصحاب صالونات التدليك والمسؤولين يسمحان لهذه العمليات بالاستمرار دون رادع.

لقد أدت العديد من القضايا البارزة إلى تسليط الضوء على هذه القضية. وقد كشفت التقارير الاستقصائية والعمليات السرية عن مدى الأنشطة غير القانونية في صالونات التدليك في مختلف المدن المغربية. وتسلط هذه القضايا الضوء على الحاجة إلى اليقظة المستمرة والتدابير القوية لمعالجة المشكلة.

تلعب التكنولوجيا دورًا مزدوجًا في هذا السياق. فمن ناحية، تسهل تنسيق الخدمات غير القانونية والإعلان عنها من خلال المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي. ومن ناحية أخرى، يمكن للسلطات الاستفادة من التكنولوجيا لمراقبة هذه العمليات وتتبعها وتفكيكها. ويمكن أن تساعد تقنيات المراقبة المتقدمة وتحليل البيانات والدوريات الإلكترونية في تحديد هوية الجناة وملاحقتهم قضائيًا.

إن معالجة قضية الأنشطة غير القانونية في صالونات التدليك تتطلب اتباع نهج متعدد الأوجه حيث إن تطوير وتنفيذ التشريعات الشاملة التي تعالج جميع جوانب المشكلة، من التنظيم إلى التنفيذ ودعم الضحايا، أمر بالغ الأهمية. وتوفير التدريب المتخصص لمسؤولي إنفاذ القانون بشأن تحديد ومعالجة حالات الدعارة والاتجار بالبشر يمكن أن يحسن فعالية جهود إنفاذ القانون.

إن إساءة استخدام صالونات التدليك في المغرب لأغراض الدعارة والجنس الجماعي يمثل تحديًا معقدًا يتطلب جهودًا منسقة من مختلف الجهات المعنية. ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية، وتعزيز الأطر التنظيمية، وتوفير الدعم للضحايا، يمكن للمغرب استعادة قدسية صالونات التدليك وحماية رفاهة مواطنيه. إن الطريق أمامنا شاق، ولكن بالالتزام المستمر والعمل، يمكن تحقيق التقدم.

0 التعليقات: