الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، أبريل 10، 2025

دعم واشنطن للحكم الذاتي والجزائر تزداد عزلة : عبده حقي


في تأكيد قوي على موقفها الاستراتيجي، أعربت الولايات المتحدة مجددًا عن دعمها الواضح والثابت لخطة الحكم الذاتي المغربية، باعتبارها الإطار الأكثر مصداقية وجدية وواقعية لحل نزاع الصحراء. وقد أثار هذا الموقف، المتجذر في مصلحة الاستقرار والسلام في المنطقة، رد فعل مريرًا ومتوقعًا من الجزائر، الدولة التي تزداد عزلتها بسبب تركيزها على أجندة انفصالية فاشلة.

في يوم الثلاثاء 9 أبريل 2025، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانًا أعربت فيه عن "أسفها" لتجديد واشنطن تأييدها للسيادة المغربية على الصحراء من خلال مبادرة الحكم الذاتي. بنبرةٍ اتسمت بالعناد الأيديولوجي والإرهاق الدبلوماسي، وصفت الجزائر الموقف الأمريكي بأنه انتهاكٌ للشرعية الدولية، مستشهدةً بميثاق الأمم المتحدة وتفسيراتٍ باليةٍ لحق تقرير المصير. لكن الحقائق على الأرض والزخم الدولي يُخبران قصةً مختلفة.

بتأكيدها على موقفها، أثبتت الولايات المتحدة ثباتها ومسؤوليتها كعضوٍ دائمٍ في مجلس الأمن الدولي. ويتماشى دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية مع إرادة الأغلبية الساحقة من الدول التي تُقرّ بهذه المبادرة باعتبارها الحلَّ العملي والدائم الوحيد. إن خطة الحكم الذاتي تضمن الحكمَ المحليَّ تحت السيادة المغربية، مع ضمان التكامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي - وهو نموذجٌ للمصالحة والتنمية بدأ يُؤتي ثماره بالفعل في المنطقة.

لا يعكس هذا الموقف المصالح الجيوسياسية الأمريكية فحسب، بل يعكس أيضًا فهمًا واضحًا للواقع على الأرض حيث يستفيد شعب الصحراء بشكل متزايد من استثمارات البنية التحتية، والحكم المحلي، والفرص الاقتصادية في ظل الإدارة المغربية - وهي حقيقة تجاهلتها الدعاية الجزائرية عمدًا.

إن تعبير الجزائر عن "الأسف" ليس دفاعًا مبدئيًا عن القانون الدولي، بل هو خيبة أمل مبطنة من استمرار انهيار الرؤية الانفصالية التي رعتها لعقود تحت وطأة المنطق الدبلوماسي. وبينما تتنكر الجزائر كمدافعة عن "حق تقرير المصير" للصحراويين، فإنها تُنكر تورطها العميق في تكريس الوضع الراهن في مخيمات تندوف، حيث تؤوي وتدعم جبهة البوليساريو - من مخلفات الحرب الباردة التي تفتقر إلى الشرعية الديمقراطية.

إن استناد الجزائر إلى قرار الأمم المتحدة رقم 1514 انتقائي ويخدم مصالحها الذاتية. يدعو القرار إلى استقلال الشعوب المستعمرة - لا إلى إنشاء كيانات مصطنعة تتلاعب بها القوى الإقليمية لأغراض استراتيجية. في المقابل، تُتيح خطة الحكم الذاتي مسارًا حقيقيًا للمصالحة في إطار السيادة المغربية، بما يتوافق تمامًا مع القانون الدولي ويحترم حقوق جميع سكان الصحراء.

بتمسكها بروايات بالية، تُتورط الجزائر بعزل نفسها أكثر عن المجتمع الدولي. لقد تحوّل الوضع بشكل واضح: فقد فتحت أكثر من 30 دولة قنصليات لها في العيون والداخلة، مُعترفةً بشرعية وإمكانات الوجود المغربي في الصحراء. إن دعم الولايات المتحدة - الذي أُعلن عنه لأول مرة عام 2020 وأُعيد تأكيده الآن - يُعزز هذا التوجه ويُشير إلى جميع الأطراف المعنية بأن مبادرة الحكم الذاتي هي الحل الوحيد المُستشرف للمستقبل والمُجدي.

رد فعل الجزائر، المُشبع بالمصطلحات القانونية والمواقف الأخلاقية، هو ستار وهمي. فهو يُخفي حقيقة أن الجزائر لم تسمح قط للصحراويين في مخيمات تندوف بحرية اختيار أي مستقبل ينحرف عن الخط الانفصالي. لو كانت الجزائر تؤمن حقًا بحق تقرير المصير، لبدأت بالسماح للأصوات المستقلة داخل المخيمات، وتوقفت عن إسكات المطالبين بالحكم الذاتي أو الاندماج.

أوضحت الولايات المتحدة خيارها بوضوح: السلام، والواقعية، ودعم خطة موثوقة تضمن الاستقرار الإقليمي. ويُعدّ مقترح الحكم الذاتي المغربي حلاً نموذجيًا، قائمًا على التنمية والتسوية والمصالحة.

من ناحية أخرى، تواصل الجزائر التشبث بمواقفها المتطرفة ودبلوماسيتها المعوقة. فبدلًا من التكيف مع الواقع الجديد والمساهمة في التعاون الإقليمي، لا تزال غارقة في انعكاسات حقبة الحرب الباردة التي لا تخدم الصحراويين ولا المغرب العربي الأوسع.

بتأكيدها على موقفها، تكون واشنطن قد وجهت رسالة قوية - ليس فقط إلى المغرب وخصوصا الجزائر، بل إلى العالم أجمع: لقد حان الوقت لطي صفحة الانفصالية البالية والمضي قدمًا في حلول حقيقية.

0 التعليقات: