غزّةُ – إصبعُ قدمٍ يركلُ القمرَ في بطنه –
دمُ الحليب يسيلُ من نافذةٍ لم تُفتح منذ حروب الكلاب.
المدنُ كائناتٌ ذات ثلاثة أعناق،
أحدها يلعقُ السكر،
والثاني يعضُّ ظلَّه،
والثالث يبتسمُ للرصاصة قبل أن تنامَ على شفتِه.
لا معنى…
إلا للمعنى الذي يسقطُ من حقيبةِ طفلٍ يركضُ في اتجاهين متعاكسين،
وتحت قدميه ينفتحُ فمُ البحر على ضحكةٍ متقيحة.
أسمعُ:
العصافير تكتبُ أسماءها على جنازير الدبابات،
الطواويس تبلعُ ريشَها كي لا يراها أحد،
القناديل البحرية تزرعُ حكاياتها في أذنِ الجندي النائم،
والجندي يحلمُ بأنه بابٌ…
بابٌ يؤدي إلى بابٍ آخر يؤدي إلى باب.
أرى:
رغيفاً يتدحرجُ في ممرّ المستشفى،
يستعيرُ قلبَ امرأةٍ ماتت قبل ساعة،
ثم يوزّعُ فتاتهُ على جنودٍ بلا أذرع.
أشمّ:
رائحةَ المطر الممزوج بجلد الكتب المحروقة،
رائحةَ ضحكٍ قديم محبوس في قنينة،
رائحةَ السكين التي قطعت ضوء الشمس إلى شرائحَ تباعُ في السوق السوداء.
الجغرافيا هنا كرةُ صوفٍ تتقيأُ القططُ داخلها،
شرقٌ مبلّلٌ برائحة الحبر،
وغربٌ مدهونٌ بزيتِ الفوانيس،
والبحرُ يتثاءبُ في وجهِ الغرقى
كما لو كان أباً كسولاً يعودُ من جنازةِ ابنه.
لا قداسةَ إلا للغبار الذي يلتفُّ على عنقِ الصور،
ولا انتماءَ إلا للظلِّ الذي يسقطُ على الطاولة
حين يهربُ الكرسيُّ من تحتك.
غزّة – مرآةٌ مشروخةٌ في فمِ الوقت –
الماءُ يلبسُ بدلةَ عرسه ويمشي إلى النار،
النارُ تضعُ عطراً وتشربُ كأساً من المطر،
والسماءُ… السماءُ خزانةُ ثيابٍ مهجورة
تحتفظُ بثوبِ طفلٍ لم يولد بعد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق