1
أحمل حقيبتي كمن يحمل
وطنًا صغيرًا،
بين طيات القماش صورٌ
لم تلتقطها الكاميرات،
وجواز سفر يشبه ورقة
خريفية تتنقل مع الريح،
وأنا أقول: "هل
الطريق يعترف بي؟"
2
أمريكا بعيدة كأحلام
الطفولة،
قريبة كهمسة في ليلٍ
لا يعرف النوم،
أمدّ يدي نحو المحيط
وكأني أمدّها نحو المعجزة،
ثم أسأل: "أي
معجزة تقبل ثمن غربتي؟"
3
أمشي في المطارات كأني
أمشي في أسئلة،
كل بابٍ يفتح على مجهول،
كل وجهٍ يعكس ملامحي
الممزقة،
وأنا أبحث عن نفسي
في طوابير الانتظار.
4
السماء فوق المحيط
تتسع أكثر من صدر أمي،
لكنها باردة كغرفةٍ
بلا صور،
أغني بصوتٍ خافت حتى
لا أسمع خوفي،
وأعدّ الغيوم كي لا
أعدّ سنواتي.
5
أمريكا، يا مرآة العالم،
هل سترينني كما أنا،
أم ستعيدين تشكيل وجهي
كما يشكّل البحر حجراً
من الطين؟
6
أترك اسمي خلفي كظلٍّ
لا يتبعني،
وأدخل إلى المدن كالريح،
بلا جذور،
أتعلّم أن أقول
"مرحباً" بلغتهم،
لكن قلبي يردّد
"السلام عليكم".
7
في نيويورك، السماء
ناطحةُ سحاب،
لا ترى العصافير، بل
تسمع صفير القطارات،
أمشي في الزحام كذرةٍ
لا مرئية،
وأتذكر قريتي التي
لا يمر فيها سوى الصمت.
8
الغربة ليست حدودًا
على الخريطة،
إنها مرآة تكسرني كل
صباح،
أحاول أن أرمم وجهي
بكلماتٍ جديدة،
لكن اللكنة تفضحني
مثل جرحٍ لم يندمل.
9
أكتب رسالةً لأمي ولا
أرسلها،
أخشى أن تصل الرسالة
بعدي،
فأكون أنا الغائب والحروف
شاهدة،
كأن الغربة محكمة وأنا
متهم بالغياب.
10
أقول: الهجرة ليست
خلاصًا،
إنها امتحان آخر للروح،
من يعبر المحيط لا
يعبر وحده،
بل يحمل على كتفيه
تاريخًا من الأسئلة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق