الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أكتوبر 11، 2025

ماريا كورينا ماتشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام 2025: عبده حقي


 في إعلانٍ مؤثرٍ من العاصمة النرويجية أوسلو، أعلنت لجنة نوبل النرويجية أن جائزة نوبل للسلام لعام 2025 منحت إلى المناضلة ماريا كورينا ماتشادو، تقديراً لشجاعتها ودفاعها الثابت عن الديمقراطية في فنزويلا، وجهودها الحثيثة من أجل انتقالٍ عادلٍ وسلميٍّ من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.

وصفت اللجنة ماتشادو بأنها "شعلة الديمقراطية وسط ظلامٍ متزايد"، مؤكدة أن نضالها يجسّد أرقى معاني الشجاعة المدنية في أمريكا اللاتينية. فقد نجحت هذه السياسية البارزة في توحيد صفوف المعارضة الفنزويلية التي كانت منقسمة لسنوات، حول مطلبٍ مشترك هو إجراء انتخابات حرة ونزيهة وإقامة حكمٍ تمثيليٍّ يعيد السلطة إلى الشعب.

تعيش فنزويلا منذ سنوات مأساة سياسية واقتصادية وإنسانية، بعد أن تحوّلت من دولةٍ مزدهرة نسبياً إلى نظامٍ سلطويٍّ عنيف يستغل أدوات الدولة لقمع مواطنيه. نحو ثمانية ملايين فنزويلي اضطروا إلى مغادرة البلاد، فيما يقبع المعارضون في السجون أو يُلاحقون بالمحاكم.

منذ أكثر من عشرين عاماً، أسست ماتشادو منظمة "سوماتي" (Súmate) المكرّسة للدفاع عن الديمقراطية، وقالت آنذاك عبارتها الشهيرة: "اخترنا صناديق الاقتراع لا الرصاص." وظلّت منذ ذلك الحين تدافع عن استقلال القضاء وحقوق الإنسان، وتعمل بلا كلل من أجل حرية الشعب الفنزويلي.

في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، ترشّحت ماتشادو عن المعارضة، لكن النظام منعها من خوض السباق. ومع ذلك، دعمت المرشّح المعارض إدموندو غونزاليس أورّوتيا، ونجحت في تعبئة مئات الآلاف من المتطوّعين للإشراف على صناديق الاقتراع وضمان الشفافية. وبالرغم من التهديدات بالاعتقال والتعذيب، وثّق هؤلاء نتائج التصويت التي أظهرت فوز المعارضة بوضوح، إلا أنّ النظام رفض الاعتراف بها وتمسّك بالسلطة.

أكدت لجنة نوبل أن الديمقراطية شرط أساسي لتحقيق السلام الدائم، وأن العالم يشهد اليوم تراجعاً خطيراً في القيم الديمقراطية وصعوداً للأنظمة السلطوية التي تستخدم القانون والإعلام كسلاحٍ للسيطرة. وأشارت إلى أن ما يحدث في فنزويلا ليس استثناءً، بل هو جزء من موجةٍ عالميةٍ تسعى لتكميم الأصوات الحرة وإعادة عسكرة المجتمعات.

اضطرت ماتشادو خلال العام الأخير إلى العيش في الخفاء بسبب التهديدات التي طالت حياتها، لكنها رفضت مغادرة البلاد، مفضّلةً البقاء بين شعبها كمصدر إلهامٍ لملايين الفنزويليين.

وقالت اللجنة إن منحها الجائزة يأتي تكريماً "لأولئك الذين يرفضون الصمت، ويواجهون الاستبداد بالكلمة والشجاعة والإصرار."

برأي لجنة نوبل، فإن ماريا كورينا ماتشادو استوفت الشروط الثلاثة التي نصّ عليها ألفرد نوبل في وصيته:

جمعت صفوف المعارضة حول هدفٍ مشترك، وقاومت عسكرة المجتمع، كما ظلّت متمسّكة بالانتقال السلمي إلى الديمقراطية.

لقد أثبتت أن أدوات الديمقراطية هي نفسها أدوات السلام، وأن صوت الشعب يمكن أن يكون أقوى من بنادق الطغاة.

"ماريا كورينا ماتشادو تجسّد الأمل في مستقبلٍ مختلف، حيث تُصان الحقوق الأساسية للمواطنين وتُسمَع أصواتهم، ويعيش الناس أخيراً في سلامٍ يستحقونه."

0 التعليقات: