الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


إعلانات أفقية

الجمعة، أكتوبر 24، 2025

بلجيكا تنضم إلى ركب الواقعية الأوروبية: عبده حقي


في خطوة دبلوماسية تعزز الموقع الإقليمي والدولي للمغرب، أعلنت بلجيكا رسميًا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، لتنضم بذلك إلى مجموعة من الدول الغربية الكبرى التي سبق أن أيدت المقترح المغربي، مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

هذا الموقف البلجيكي الجديد تم الإعلان عنه خلال زيارة رسمية إلى الرباط، حيث وقع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيرته البلجيكية إعلانًا مشتركًا أكد بوضوح دعم بروكسيل للمقترح المغربي باعتباره “الحل الجاد والوحيد القابل للتطبيق” للنزاع المفتعل حول الصحراء.

بهذا الإعلان، تكون بلجيكا قد اتخذت خطوة دبلوماسية نوعية، لتلتحق بركب الدول الأوروبية التي تبنت نهج الواقعية السياسية في تعاملها مع قضية الصحراء المغربية. فبعد سنوات من التحفظ، باتت بروكسيل ترى في مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، إطارًا متينًا لضمان الاستقرار والتنمية في المنطقة.

كما يعكس هذا الموقف وعياً متزايداً لدى الدول الأوروبية بأهمية المغرب كشريك استراتيجي في ملفات الهجرة والطاقة والأمن، حيث وُقّع الاتفاق ذاته على تعزيز التعاون في إعادة المهاجرين غير النظاميين، وهو ملف طالما شكّل تحديًا مشتركًا للبلدين.

تزامن الموقف البلجيكي مع تأكيد فرنسا مجددًا على دعمها الثابت لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. فقد صرح وزير الخارجية الفرنسي جان نُويل بَرو في الرباط أن بلاده “تجدد التزامها الثابت بدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية”.

ويأتي هذا التأكيد الفرنسي في سياق تنسيق أوروبي متنامٍ يعكس قناعة جماعية بأن الحل الواقعي والنهائي للنزاع يمرّ عبر دعم المغرب، لا عبر الأطروحات الانفصالية التي فقدت سندها الدولي.

يُبرز هذا التقارب المغربي البلجيكي ـ الفرنسي أن المغرب لم يعد مجرد شريك في جنوب المتوسط، بل أصبح فاعلاً أساسياً في ضبط توازنات القارة الأوروبية مع إفريقيا.

فالمملكة المغربية، التي تلعب دوراً محورياً في مكافحة الهجرة غير النظامية والإرهاب وتعزيز التنمية في الساحل الإفريقي، باتت تُعامل كشريك استراتيجي تتقاطع معه المصالح الأمنية والاقتصادية والطاقية.
ومن هذا المنطلق، فإن تأييد بلجيكا لمغربية الصحراء يكرس انتقال الاتحاد الأوروبي من الحياد السلبي إلى دعم واقعي لجهود الأمم المتحدة تحت مظلة مقترح الحكم الذاتي.

تأتي هذه المواقف المتلاحقة ثمرة للرؤية الدبلوماسية الواضحة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، والتي ترتكز على تنويع الشراكات وتعميق الحوار مع أوروبا وإفريقيا في آنٍ واحد.

فخلال السنوات الأخيرة، نجح المغرب في ترسيخ مكانته كقوة إقليمية متزنة تحظى بالثقة والاحترام، بفضل سياسته القائمة على الاعتدال والتعاون واحترام السيادة المتبادلة.
ويُنتظر أن تفتح الخطوة البلجيكية الباب أمام دول أوروبية أخرى لتعلن دعمها الصريح لمغربية الصحراء، في اتجاه ترسيخ حلّ دائم يقوم على التنمية المشتركة والاستقرار الإقليمي.

في ضوء هذه التطورات، يمكن القول إن دعم بلجيكا لمبادرة الحكم الذاتي يشكل انتصاراً دبلوماسياً جديداً للمغرب، ويؤكد نجاعة استراتيجيته في كسب الثقة الأوروبية. كما يضع الجزائر والكيان الانفصالي أمام عزلة متزايدة، بعدما بات المجتمع الدولي مقتنعاً بأن مستقبل الصحراء المغربية لا يمكن أن يُبنى إلا في إطار السيادة الوطنية للمملكة ووحدتها الترابية.

توقيع: عبده حقي


0 التعليقات: