(1)
كنتُ أراكَ قادماً من الضوء،
تضحكُ كما لو أن الموتَ نكتةٌ عابرة،
الآنَ أُصغي إلى خطواتكَ في الريح،
ولا أجد سوى قلبي يتعثرُ في صمتِك.
(2)
أخي هشام،
كنتَ تسرقُ الوقتَ من ظلِّ الغياب،
تضعه في جيب الصباح كي يبتسم،
فمن يزرعُ النورَ الآن في هذه العتمة؟
(3)
كنا نقتسمُ الخبزَ واللعبَ والسماء،
الآنَ أقتسمُ معك الغيابَ وحدي،
أرسمُ وجهك على الماء،
فينكسرُ قلبي كصورةٍ لا تكتمل.
(4)
لم تقل وداعاً،
ربما لأن الوداعَ فعلُ الضعفاء،
أو لأنك عرفتَ أني سأسمعُك
في كلِّ حجرٍ ينادي باسمي في المساء.
(5)
يا هشام،
البيتُ بلاك ضائعٌ مثل نغمةٍ بلا وتر،
وأنا أتعلمُ العيشَ على أنقاض صوتك،
كما يتعلّمُ البحرُ أن يكونَ بلا موج.
(6)
أحنّ إليك كما يحنُّ الترابُ إلى المطر،
وأنا المطرُ الذي نسيَ الغيمُ طريقه،
أفتحُ نافذةَ الحلمِ فلا تأتي،
ويغلقُني الحنينُ كما يغلقُ الجرحُ نفسه.
(7)
في غيابك صار النهارُ أكثرَ شيخوخة،
وصار الليلُ يكتبُ وصيّته بالدمع،
أما أنا فأعيشُ بين صورتين:
واحدةٌ في القلب، وأخرى في التراب.
(8)
كنتَ تقول: “لا تخفْ من الموت،
فهو وجهٌ آخرُ للحياة.”
الآنَ أصدقك،
لكن قل لي، كيف أعيشُ دون نصفِ وجهي؟
(9)
كلُّ الأشياءِ تذكّرني بك،
حتى الصمتُ حين يتعب،
حتى الريحُ حين تنحني لزهرةٍ ميتة،
حتى أنا حين أكتبُ اسمك ولا أنتهي.
(10)
سلامٌ عليك يا هشام،
يا من تركتَ في القلبِ حدائقَ لم تزهر،
سأظلُّ أكتبُك كلَّ صباح،
حتى ينهضَ الحبرُ ويقول: عاد الأخُ من غيابه.







0 التعليقات:
إرسال تعليق