الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، نوفمبر 19، 2020

اختراع وتطور الإنترنت (2) ترجمة عبده حقي


تطوير الشبكات المُتباعدة

كانت الحواسب الأولى يتم الاتصال بينها بشكل مباشر مع الطرفيّات الخاصّة بالمُستخدمين. بشكلٍ عام، توجد الطرفيّات في نفس البناء أوالموقع، شبكاتٌ كهذه أصبحت تُعرف باسم الشبكات المحليّة (LAN). أمّا الشبكات التي تمتد على نطاق أوسع فتُعرف باسم الشبكات المُتباعدة (WAN) وقد بدأت الأشكال الأوليّة منها بالظهور في الخمسينات والستينيات من القرن العشرين.

الأفكار الأولى

في مارس من العام 1960 وفي ورقة بحثيّة نُشرت بعنوان: "التعايش بين الإنسان والحاسوب

 (Man-Computer Symbiosis) اقترح جوزيف ليكليدر نائب رئيس شركة بي بي إن للتكنولوجيا (BBN)  فكرة شبكةً عالميّةً عن طريق بناء شبكة مُتباعدة من الحواسب لتحلّ محل المكتبات، خاصّة مع التقدّم الحاصل حينها في أساليب تخزين واسترجاع المعلومات. ثُمّ عاد ليكليدر في عام 1962 وقدّم ورقة بحثية أُخرى بعنوان:"التواصل بين الإنسان والحاسوب عبر الشبكة"

 On-Line Man-Computer Communication) وهي من أوائل الأوراق البحثيّة التي تناولت مُستقبل شبكات الحاسب.

في أكتوبر من العام 1962 عُين ليكليدر في منصب مدير مكتب تقنيات معالجة المعلومات (IPTO) الذي تمّ استحداثُه في وكالة مشاريع الأبحاث المُتقدمة بهدفٍ أساسيّ هو ربط مكاتب وزارة الدفاع مع بعضها البعض في مجمع جبل شايين والبنتاغون والقيادة الجوية الاستراتيجية (SAC HQ)شكل ليكليدر فريق عمل بصورة غير رسميّة ضمن الوكالة من أجل القيام بالأبحاث اللازمة، وابتدأ بكتابة مذكرات لوصف الشبكات الموزّعة لأعضاء الفريق الذين أطلق عليهم لقب "الأعضاء والتابعون لشبكة الحاسوب الواصلة بين المجرات  (Members and Affiliates of the Intergalactic Computer Network كجزء من عمل المكتب تم تركيب ثلاث طرفيّات بالشكل التاليّ: الأولى لشركة تطوير النظم (SDC) في سانتا مونيكا والثانية في مشروع جيني في جامعة كاليفورنيا والثالث في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا من أجل مشروع نظام تشارك الوقت التوافقي. وحدد ليلكيدر الأولويّة بالحاجة للربط بين هذه الطرفيات بطريقة فعّالة.

على الرغم من مغادرة ليكليدر مكتب تقنيات معالجة المعلومات في العام 1964 أي قبل 5 سنوات من بدء عمل شبكة الأربانت إلا أنّ رؤيته لشبكةٍ عالميّةٍ هي من ألهمت خليفته، روبرت تايلور، للبدء بتطويرها. ليكليدر عاد لاحقاً ليقود مكتب تقنيات معالجة المعلومات مُجدداً في العام 1973 لمدة عامين.

في مُقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز يصفّ تايلور أفكاره في تلك الفترة قائلا:

 « .. لذلك قُلت، يا رجل من الواضح ما الذي يجب عليك القيام به: لديك ثلاث طرفيات ويجب أن يكون هناك طرفية واحدة تأخذك أينما تُريد للقيام بالحوسبة التفاعلية هذه الفكرة هي شبكة الأربانت

لم تكن قضيّة الربط بين عدة شبكات إلا مُشكلة واحدة من المشاكل التي واجهها مُطوّرو الشبكات الأوائل. فقد اعتمدت الشبكات الأولى على تقنية تبديل الدارات وسببت هذه التقنيّة العديد المشاكل لأنها كانت ذات بُنيّة جامدة وتشكل نقطة خطأ وحيدة في التصميم. في الستينيّات قدّم بول باران أثناء عمله مع مؤسسة راند دراسةً لوزارة الدفاع الأميركيّة حول الشبكات التي يُمكن أن تنجو في الحرب النوويّة. طرح باران فكرة نقل المعلومات على شكل دفعاتٍ أسماها "كتل الرسائل. Message Blocks

بشكلٍ مُستقلٍ لكن في نفس الفترة، اقترح دونالد ديفيس، من مخبر الفيزياء القومي في المملكة المتحدة، بناء شبكة تعمل بمبدأ جديد سماه تبديل الرزم وكان أول من طبقه فعليّاً وتمّ اعتماد تسميته فيما بعد. لاحقاً طبّق لورانس روبرتس مبدأ تبديل الرزم عند بنائه شبكة الأربانت. طوّر ليونارد كلينروك نظريّة رياضيّة لدراسة الأداء الخاص بهذه التقنيّة هي نظرية الأرتال.

إنّ تقنيّة تبديل الرزم هي تصميم للشبكة مبني اعتماداً على تقنية التخزين والتوجيه Store and Forward حيث يتمّ تقسيم الرسالة إلى عدد غير مُحدد من الرزم، ويتمّ أخذ قرار التوجيه لكل رزمة بشكل مُنفرد. وتُؤمّن هذه التقنيّة استهلاكاً أفضل لعرض النطاق وزمن أستجابة أقل مقارنة بتقنية تبديل الدارات التقليديّة المستخدمة في الشبكات الهاتفيّة، وخاصّة في الحالات التي تكون موارد الشبكة محدودة فيها.

يتبع


0 التعليقات: