الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، نوفمبر 20، 2020

اختراع وتطور الإنترنت (3) ترجمة عبده حقي


شبكات سبقت الإنترنت.

مُخطط لشبكة مختبر الفيزياء القومي.

بعد مناقشة ليكليدر بأفكاره أصبح دونالد ديفيس مهتماً بنقل البيانات في شبكات الحاسب. في عام 1965 اقترح ديفيس بدء العمل في مختبر الفيزياء القومي من أجل بناء شبكة بيانات على مستوى المملكة المتحدة اعتماداً على مبدأ تبديل الرزم، في العام التالي، قدّم

وصفاً لطريقة استخدام "الحاسوب المنفذ"، وهو ما سيُعرف لاحقاً باسم الموجّه، ولكن لم يتمّ الأخذ بمقترحاته على مستوى المملكة، واكتفى بإجراء مجموعة من التجارب لبناء شبكة محلية على مستوى مختبر الفيزياء القومي

مع حلول العام 1969 بدء ديفيس في بناء الإصدار الأول من الشبكة من أجل استخدامه للأغراض البحثيّة في مختبر الفيزياء القوميّ. لكن الشبكة لم تصل لمرحلة التشغيل الكامل إلا في العام التالي. في العام 1976 امتدت الشبكة لتصل 12 حاسب و 75 طرفيّة واستمرت الشبكة بالتوسع حتى تمّ إخراجها من الخدمة في العام 1986

كانت شبكة مختبر الفيزياء القومي أول شبكة نقل بيانات تطبّق مبدأ تبديل الرزم على مستوى العالم وقد أثّرت في وألهمت مُطوري شبكة الأربانت بشكلٍ مُباشر.

مخطط شبكة الأربانت في العام 1971.

تمّت ترقيّة روبرت تايلور ليصبح رئيساً لمكتب تقنيات معالجة المعلومات (IPTO) في وكالة أبحاث المشاريع المتقدمة في يونيو من العام 1966 وقد عمل على تنفيذ أفكار ليكليدر حول نظام الربط الشبكي، فاستقدم لورانس روبرتس من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وابتدأ بمشروع لبناء شبكة كهذه، وجرى تفعيل أول وصلة في الشبكة بين جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس ومعهد ستانفورد للأبحاث في 29 أكتوبر 1969 في حوالي العاشرة والنصف ليلاً.

يقول كلينروك الذي كان وقتها في جامعة كاليفورنيا مع مجموعة من طلابه وصف هذه اللحظات في مُقابلة سابقة:  

« لقد اتصلنا هاتفياً مع الرفاق ثم كتبنا الحرف (L) وسألنا على الهاتف: هل ترون الحرف (L)؟ وجاءت الإجابة نعم نرى (L)ثُمّ كتبنا (O)وسألنا هل ترون الحرف (O)نعم نراه .. ثم كتبنا الحرف (G) وانهار النظام ولكن ثورةً قد بدأت»

مع حلول الخامس من ديسمبر من العام 1969م كانت الشبكة قد امتدت لتشمل أربع عقد، هي بالإضافة للعقدتين السابقتين واحدة في جامعة يوتا والأخرى في جامعة كاليفورنيا. بعد ذلك، ومع اعتماد بعض الأفكار المطولة في شبكة ألوها (ALOHA) نمت شبكة الأربانت بشكلٍ مُتسارع، وفي عام 1981ضمّت (213) عقدة، مع مُضيف جديد يُضاف للشبكة كل عشرين يوماً بالمتوسط.

تمحورت عمليّة تطوير شبكة الأربانت حول وثائق طلب التعليقات (RFC) التي ما تزال قيد الاستخدام حتى اليوم لتوصيف نظام وبروتوكولات شبكة الإنترنت وآليّاتها أول وثيقة هي الوثيقة (RFC 1المُعنونة "برمجيّة المضيف" (Host Software) بقلم ستيف كروكر من جامعة كاليفورنيا ونُشرت في 7 أبريل 1969 وقد وُثّقت هذه السنوات الأولى في عمل وثائقي في العام 1972.

أصبحت شبكة الأربانت نواة لما سيُعرف لاحقاً بشبكة الإنترنت وأداة أساسيّة في تطوير تقنياتها. اعتمدت شبكة الأربانت في البداية على برنامج التحكم بالشبكة (NCP) قبل أن يُطوّر بروتوكول التحكّم بالنقل (TCP ثُمّ حزمة بروتوكولات الإنترنت (TCP/IP). في 1 يناير 1983 وهو اليوم الذي يُعرف أيضاً بيوم العلَم (Flag Day) تمّ استبدال برنامج التحكم بالشبكة بشكل نهائي بحزمة بروتوكولات الإنترنت، وكانت هذه هي العلامة الفارقة في ميلاد شبكة الإنترنت الحديثة.

كان التعاون الدُوليّ فيما يخصّ شبكة الأربانت ضعيفاً ومُشتتاً فقد كان المُطورون الأوروبيّون مُهتمين بتطوير الشبكات المُرتكزة على بروتوكول أكس (X.25)  مع استثناء مصفوفة الزلازل النرويجية (NORSAR)، التي رُبطت مع الأربانت في العام 1972م ثم محطة تونام في السويد في العام التالي بواسطة الأقمار الاصطناعيّة، قبل أن تُربط الشبكة مع معهد علوم الحاسب في المملكة المتحدة، وأخيراً مع كلية لندن الجامعية.

يتبع


0 التعليقات: