الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، نوفمبر 11، 2023

قصة قصيرة "في قاعة الانتظار" (2) عبده حقي

تكشفت الصفحات، وكشفت تلك القصص الغريبة، وهذه الصور الآسرة، وسلسلة من اللحظات المجمدة في الزمن، تلتقط حقائق بعيدة عن تجربتي الخاصة. كنت أقرأ بنهم، يجرفني هذا الفضول الذي دفعني لاستكشاف عالم بعيد عن الحياة اليومية، لكني شعرت بأن الخجل يقيدني ويجعلني أسير القراءة، غير قادر على التوقف حتى أمام الجوانب الأكثر وضوحا.

المجلة نافذة مفتوحة على الآفاق البعيدة، بهوامشها الصفراء، ورائحة المغامرة والبعد، جعلتني أسير عالمها الغريب الغامض. يبدو أن إرساءها في الماضي، المنقوش في تاريخ بعيد، يؤكد بشكل أكبر المسافة بين غرفة الانتظار المريحة هذه وهذه العوالم المجهولة.

فجأة، صرخة، "أوه!" » من الألم المنبعث من داخل الغرفة يخترق الأجواء ويمزق الطمأنينة. كان صوت زوجتي، الناعم والمليء بالمعاناة المكبوتة، يتردد في الفضاء، ويهتز هواء غرفة الانتظار، ويحجب للحظة الصور الغريبة في المجلة.

يبدو أن هذا الصوت، المألوف والمفاجئ في نفس الوقت، يكسر السحر لهذه الصفحات الآسرة. انقطع انتباهي عن المجلة، وتوجهت أفكاري إلى زوجتي، وقد حملها القلق الممزوج بالفضول. فجأة اجتاحني مزيج من المشاعر والأسئلة والرغبة في التواجد لدعمها.

وقفت، خارجة من عالم المجلة الغريب والغامض، للانضمام إلى زوجتي. في تلك اللحظة، سيطر واقع غرفة الانتظار، وأبعدني عن هذه العوالم الغريبة والمذهلة. لقد حولت صرخة عمتي من الألم رحلتي الداخلية نحو فعل الحضور، والدعم الذي يمكنني تقديمه في لحظة غير متوقعة ومربكة.

في غرفة الانتظار هذه حيث نقلني المستكشفون المتجمدون والصور الغامضة، تردد صدى زوجتي كنداء للمجهول وعودة إلى الواقع. إن تجاور هذه العوالم، وهذه المشاعر، وهذه العوالم المتميزة للغاية، أغرقني في رحلة عبر تقلبات الفضول والخوف والوجود المريح الذي يجب تقديمه.

في غرفة الانتظار، بدا أن الوقت يرقص بإيقاع غريب، رقصة على حافة عامي السابع. ثلاثة أيام، همست لنفسي، ثلاثة أيام حتى أبلغ السابعة من عمري. ومع ذلك، كانت هذه الكلمات محاولة يائسة لربط نفسي بالمعلوم، ونداء لوقف الإحساس بالدوار الناتج عن الانزلاق من العالم الكروي إلى هاوية الفضاء البارد الأسود المزرق. أردت أن أتمسك براحة الألفة، وأن أرسي نفسي في صلابة ما أعرفه.

يتبع


0 التعليقات: