الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، نوفمبر 09، 2023

"إلى امرأة " عبده حقي


 أنا مجرد ظل وسط عذابات الوجود، صدى تائه في مسرح القدر الشاسع. في هذه الالتواءات المظلمة، حيث يبدو أن كل بصيص من السعادة يتأرجح تحت وطأة أعبائي، أتوجه إليك، أيتها المرأة الغامضة واللطيفة، أبحث عن ملجأ في بريق عينيك الشاسعتين. نظراتك، حيث تمتزج ضحكات الحلم الجميل ودموعه، تهزني في محيط من المشاعر المتناقضة.

إن ضيقي، مثل صحوة حزينة، يطاردني بلا هوادة. مثل كابوس قاسٍ، يستمر، بلا رحمة وغيرة، يتغلغل في أعماق كياني، ويضاعف جوانبه مثل حشد من الذئاب الجائعة. يبدو أن كل فكرة مقيدة بهذه المعاناة العنيفة، عبء يدمي وجودي، عذاب يبدو أن مخالبه لا تمحى.

آه كم أعاني، كيف تتشابك دوامات العذاب لتنسج قماش ألمي! تتخلل كل ذرة من كياني آهات وألم عميق لدرجة أن أول تنهيدة للرجل الذي طرد من الجنة تبدو مجرد أغنية عادية. عذاباتي كأمواج مهشمة، تغمر كياني وتنجرف بعيدًا عن شواطئ الطمأنينة.

في هذا الاضطراب، أتأمل كيانك، وروحك النقية ، البيضاء، مثل ملاذ السلام وسط العاصفة. إن همومك، وهمومك التي تسطر على جبهتك، هي مثل طيور السنونو التي تحلق برشاقة في سماء الظهيرة. أنا مبهور بنعمتك، وتغمرني الرغبة في اللجوء إلى هدوء حضورك.

أحاول من خلال كلماتي أن أرسم ما لا يمكن وصفه، لأكشف عن العبء الذي لا يوصف والذي يسحق روحي.

أتوسل إليك،

يا امرأة الألف لغز،

أن تكوني المنارة الوحيدة في ليلتي الخالية من النجوم،

وقوس قزح في سمائي الرصاصية،

والنسيم الخفيف في زوبعة عذاباتي.

أنت،

يا من تجسدين الجمال والحنان والوداعة،

أنت أملي في هذا العالم حيث يسود الألم.

إليك، أعهد بهذه الكلمات،

وهذه الاعترافات التي تنبع من كياني المكدوم،

على أمل أن حضورك المهدئ يمكن أن يبدد ولو ذرة من ألمي.

أنا المساح الوحيد للطرق المتعرجة،

المسافر الضائع في تقلبات القدر.

ولكنني،

أمامك،

أجد نفسي هشًا،

أبحث عن الراحة في إشعاع نظرتك.

حضورك كالبلسم لروحي المكلومة،

يقدم بصيص أمل في قلب عذابي.

فلتكن هذه الكلمات مثل بتلات الندى،

الموضوعة بدقة عند قدميك،

شهادة صامتة على مدى إعجابي وسعيي اليائس إلى التعزية.

إليك أيتها المرأة الآسرة،

أهدي هذا الشعر نثرًا،

وهو سيمفونية لاضطرابي الجواني.

0 التعليقات: