الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، نوفمبر 06، 2023

نص مفتوح "سارق الأضواء من جيب الشمس" عبده حقي


في ثنايا الفجر المخملية، حيث العالم لوحة قماشية تنتظر أن ترسمها فرشاة الشمس، أجد نفسي متجولًا في الظلال، سارقًا للأضواء من شمس الصباح. قصيدتي مغزولة بخيوط السرية والجمال ، قصيدة نثرية تتحدث عن مغامراتي في ساعات الفجر.

يبدأ كل يوم كوعد هامس،

العالم متدثر بعباءة من الألوان الأثيرية،

أول أضواء للفجر لص رقيق يسرق الظلام.

ولكنني، بطريقتي الخاصة، لص أيضًا، أسعى للاستيلاء على ذلك الألق العابر لنفسي.

منجذب إلى اللحظات التي يحرر فيها الليل قبضته على مضض، وحيث يتزين الأفق بأولى ضربات الفنان السماوي. لحظات الهدوء التي تسبق صحوة العالم، عندما تكون الحجب بين الحقائق رقيقة للغاية، وسيمفونية الطبيعة لم تبدأ بعد. أعبر هذا الفضاء المقدس، مشتاقًا إلى التألق الذي تضفيه شمس الصباح على الأرض بسخاء.

بخطوات ماهرة، أتجول في الشوارع الخالية، تكون حواسي متناغمة تمامًا مع التحولات الدقيقة في الجو. تتراقص الظلال عند قدمي، وأمشي بالتزامن مع إيقاعها، رقصة فالس صامتة ينسقها الضوء الوشيك. أنا شبح في هذا الواقع المعلق، أبحر في الخط الرفيع بين الظلام والنهار المزهر.

ومع سطوع السماء تدريجيًا، ينكشف أمامي مشهد مذهل. يحمر الأفق بألوان قرمزية ، لترسم تحفة فنية لا يشهدها إلا القليل من المحظوظين. في هذه اللحظات العابرة أشعر بالابتهاج، وأجبر على المشاركة في هذا الجمال المسروق.

ولأنني لا أسرق الممتلكات المادية، بل أسرق لحظات من الروعة الزائلة. العين هي شريكي، حيث تلتقط السرقة الرائعة التي أرتكبها في عالم اليقظة. مع كل نقرة، أقوم بتخليد الأضواء المسروقة، وأغلف جوهر الفجر في إطارات متجمدة، وأسرق اللحظات التي قد لا تعود أبدًا.

أنا لست مجرد لص؛ أنا حارس العابر، محافظًا على الروعة المراوغة التي تحلق بعيدًا مع شروق الشمس. في عالم يندفع عبر هذه اللحظات، وتستهلكه زوبعة الوجود، أبقى في هذه الثواني المسروقة، متمسكًا بالتألق والتوهج.

أرقص على حافة التنميط، وأتعدى على المناطق المحظورة، باحثًا عن نقاط مراقبة تتيح لي رؤية أروع. لكن جاذبية التقاط هذه اللحظات، وتجميد جمال الفجر العابر، تدفعني إلى الأمام على الرغم من ضباب اللايقين.

هناك نوع من الإثارة في التفوق على الشمس، وفي سرقة إشعاعها قبل أن تغمر العالم. إن التفاعل بين الضوء والظلام، وسرقة هذه اللحظات العابرة، هو طريقتي للانغماس في الجمال الخام غير المفلتر الذي غالبًا ما يراوغ حياتنا المسعورة.

أجد العزاء في هدوء الصباح، لص ذو قضية نبيلة، يحافظ على هذه الأضواء المسروقة كدليل على طبيعة الجمال. كل صورة مسروقة هي سجل لمغامراتي الصامتة، ومختارات من روعة الفجر التي أحرسها بإجلال.

في نسيج الوجود، أنا مجرد حاشية، مراقب سري يسرق شروق الشمس ليحفر لحظات من الجمال الرائع في سجلات الزمن. قصيدتي النثرية هذه هي اعتراف هامس، قصيدة للأضواء المسروقة من جيب شمس الصباح، تحية للعظمة الزائلة التي تزين العالم كل فجر.

0 التعليقات: