الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، نوفمبر 12، 2023

نص سردي "إلى عينيك" عبده حقي


بعينيك الجميلتين، تتكشف الحياة مثل حكاية من الأحداث اللانهائية، كل واحدة منها تبدو مشهدًا في اللوحة الجدارية العظيمة للوجود. هذه العيون، النجوم الحقيقية في سماء الكون، تلتقط الفروق الدقيقة في روحي.

مثل القمر الذي يرقص على سطيحة المياه الهادئة لبحيرة البجع الصامتة، تتكشف نظرتك الفريدة والساحرة في ضوء غامض. الحدقة، مثل لؤلؤة ، تلتقط الضوء، وتكشف عن بريق رطب، وشرارة الروح المبهرة. في زاوية تلك العيون الحلوة، تتشكل قصة، وتتدحرج ببطء مثل الأمواج اللطيفة التي تداعب الشاطئ

يبدو أن هذه العيون قد استمدت تألقها من روح الماس، نقاء بلوري يتجاوز المادة ليلامس أشياء تجريدية غير ملموسة. مياه أجمل من لؤلؤة كاملة، تحتوي على أسرار لا تجرؤ إلا الأحلام على لمسها. مثل الجواهر الثمينة، تنير أحلك زوايا وجودي.

الرموش مثل الفراشات الربيعية ترتعش بأجنحة قلقة. حركتهما الرشيقة، التي تُغلق نصف الستار على هذه اللوحة الحية، تخلق لغزًا، ودعوة للغوص في خلجان المشاعر الذي يكمن خلفها. إنهما حارسين ، لا يسمحان إلا لما يريدون الكشف عنهما.

نظرتك إشعاع حيوي ونووي، طاقة نقية تشع وتدفئ. تتحدث بلا كلمات، وتترجم العواطف إلى لغة عالمية يفهمها القلب. كل غمضة عين، كل ومضة عابرة، تحكي قصة، ملحمة داخلية تتكشف على مدار الأيام والليالي.

من خلال هاتين النافذتين المنفتحتين على عالمك الجواني، أضيع فيهما عن طيب خاطر. إنهما مرآة روحك، انعكاس صادق للحب، والفرح، وأحيانًا حتى الأحزان المختبئة خلف الحجاب الرقيق لشبكية العين. إنهما نجوم تهدي طريقي، مناراتان في ليل الوجود المظلم.

بعينيك الجميلتين، أكتشف كونًا لا نهائيًا، مجرة حيث كل عاطفة، كل فكرة، تأخذ مكانها في الرقص الدافئ للوجود. وفي هذه الرقصة، أسمح لنفسي بالانجراف، لأنه بعينيك الجميلتين، يجد قلبي ميناء اتصاله الأبدي، ميناء آمنًا وسط محيط الحياة المضطرب.

في عينيك الجميلتين، يجتمع آلاف العشاق . يكتشفون أنفسهم هناك، ويصبحون أكثر جمالا، ويضيؤون الفضاء بإشعاعهم الدافئ. في هذا الملجأ المتلألئ، تجد الرغبات، مثل المشاعل المنطفئة، حماستها، وتشتعل من جديد.

هذه العيون الشفافة للغاية هي نوافذ مفتوحة لروحك. تصبح كل نظرة علامة مائية، تكشف عن الأفكار الأكثر سرية، وأنقى المشاعر. مثل زهرة سماوية مع كأس مثالي، تزهر روحك، رقيقة وسامية، قربانًا للضوء الذي يرشح عبر بلورة هذه العيون الساحرة.

في مرآة اللهب هذه، تتراقص الانعكاسات مثل النجوم، لتضيء طريق المشاعر والأحلام. ترسم آلاف الحبات الصغيرة، مثل العديد من دفقات الضوء، صورة حية، لوحة جدارية حميمة حيث تصبح كل لحظة عملاً فنياً.

الرغبات، مثل طيور النار، تحلق في هذا الفضاء الأثيري. المشاعل، بمجرد أن تنطفئ بأنفاس الزمن، تجد حياة جديدة، وهجًا متألقًا. من خلال هذه العيون الشفافة، يتلاشى الماضي، ويضيء الحاضر بالوعد.

وتصبح شفافية هذه العيون شعراً صامتاً، لغة صامتة لا تسمعها إلا القلوب الواعية. كل ومضة هي مقطع شعري، وكل نظرة هي خط مرسوم بدقة على رق الزمن. إنهما مهندسا سيمفونية العواطف.

مثل زهرة تتفتح عند الفجر، تنكشف روحك من خلال هاتين الجوهرتين الثمينتين. الكأس المثالية، مثل كأس الخلود، تجمع قطرات السعادة، وبتلات الحب التي تتفتح مع كل نبضة من رموش العين. هذه العيون هي مصدر لا ينضب من الجمال، ينبوع يروي فيه من يجرؤ على الغوص في أعماقها عطشه.

بعينيك الجميلتين، أصبح مستكشفًا مقدامًا، أبحر في أنهار أفكارك المتلألئة. كل موجة ضوء، وكل انعكاس للمشاعر، يحملني نحو آفاق مجهولة. وفي هذه الأوديسة، أكتشف الثراء اللامتناهي لعالم موجود في المنشور السحري لنظرتك.

0 التعليقات: