الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، نوفمبر 13، 2023

نص سردي "عين أرتميس" عبده حقي


تائها في متاهات الساعة، حيث يستفيق الزمن مثل قطة مستيقظة، يمتد ويلتف حول اللحظات، ويمتزج الأمس واليوم والغد في رقصة باذخة. تصبح الكلمات يراعات فسفورية، تنير المسار الغامض لأفكاري.

تتراقص الظلال، وتنسج شبكات من الألغاز، وتتحول الخطوط المألوفة إلى ألغاز. يصبح السونو حراس الشفق، وعيونهم الذهبية تتلألأ مثل النجوم العابرة في سماء المجهول. الريح، رسول البحار البعيد والبساتين المزهرة، تداعب وجهي وتهمس بحكايات قديمة.

تحت عين أرتميس، إلهة الصيد الخالدة، نتنقل بين المقاطع، بين نبضات القلب وخفقان أجنحة السونو. تتطابق التفاعيل، مثل خطوة الرقص الإيقاعي، مع الأيونية، مما يخلق سيمفونية من الكلمات التي يتردد صداها في السماء الزرقاء المقدسة .

يلوح فوقنا قوسها الإلهي الفضي، وهو خط سماوي رسمته يد الآلهة. تظهر المعابد ، كأشباح سحيقة، تقف أعمدتها كأنها بقايا عالم منسي. يستحضر الرواق المتغير، الذي يتحول إلى ثلج ومتجدد الهواء، هشاشة الزمن وسيولة الذكريات.

أفقد نفسي في تقلبات المشهد العقلي، حيث تتلاشى الحدود بين الحلم والواقع مثل خطوط الألوان المائية . تصبح الكلمات أصداء بعيدة، انعكاسات في مرآة مكسورة، تشكل لغة مراوغة، لحنًا مجردًا يتجاوز حدود المعبر عنه.

تتكاثر الألغاز، وتختلط، وتنحل في الشفق. يصبح السونو رموزًا وحراسًا لأسرار الليل. عيونهم الذهبية تنظر إلى ما هو غير مرئي، وتفك رموز النجوم التي تنسج الكون. الريح التي تحمل العطور البحرية وروائح زهر البرتقال، تحمل شظايا من الحكايات المنسية، وهمسات من حضارات ضائعة.

أرتميس، إلهة القمر، ترشد خطواتنا في هذه الرقصة الكونية. التفعيلات تتردد مثل نبض قلب الليل، والأيوني مثل نسمة الريح الخفيفة. تتحول المقاطع إلى كويكبات، تنطلق في سماء النثر.

تحت القوس الفضي الإلهي، نتقدم عبر متاهة الأفكار، مستكشفين خبايا الروح المظلمة والمضيئة. معابد تقف كحراس الماضي، حراس الزمن الذي يتسرب كالرمال بين الأصابع. يستحضر الرواق المتغير، بين الثلج والهواء، عابرة اللحظة، والتحول المستمر لكل شيء.

تصبح سماء صقلية لوحة فنية تمتزج فيها ألوان الفجر والغسق، وتتشكل المشاعر وتتبدد مثل السحب التي تحركها الرياح. تصبح الكلمات فرشاة رسم، ترسم الأرابيسك على قماش الخيال اللامتناهي.

صديقي، دعنا لا نذهب إلى المنزل بعد. دعنا نبقى معلقين في هذه اللحظة بين الكلب والذئب، بين الظل والنور، بين المعلوم والمجهول. المساء لطيف، كقصيدة تتكشف على مهل، لتكشف أسرارها عبر الأبيات. دعنا نذهب معًا لاستكشاف تقلبات هذا النثر المركز، حيث يذوب الواقع في التجريد، وحيث تصبح الكلمات نجومًا في مجرة ​​الخيال.

0 التعليقات: