الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، سبتمبر 27، 2025

المغرب بين الدعاية المعادية وحتمية السيادة على الصحراء: عبده حقي


شهدت أروقة الأمم المتحدة والبرلمانات الأوروبية خلال الأيام الأخيرة سلسلة من المواقف التي أعادت إلى الواجهة قضية الصحراء المغربية، في سياقٍ يكشف حجم الاشتباك الدبلوماسي والإعلامي المحيط بالملف. ورغم محاولات بعض الأطراف الدولية والإقليمية الإبقاء على خطاب متجاوز حول ما يسمى بـ"حق تقرير المصير"، فإن الحقائق السياسية والتاريخية تؤكد أن السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية باتت حقيقة راسخة يصعب إنكارها.

بين كوبا والجزائر: إعادة تدوير خطاب قديم

إعلان كوبا في الجمعية العامة للأمم المتحدة تجديد دعمها لما يسمى "الجمهورية الصحراوية" ليس جديدًا، بل استمرار لخطاب أيديولوجي متوارث منذ الحرب الباردة. هذا الموقف يندرج ضمن تحالفات إيديولوجية تتجاوز منطق المصالح الواقعية وتتنكر لمبادئ الأمم المتحدة نفسها في ما يتعلق بالحلول السياسية التوافقية. الأمر ذاته ينطبق على الجزائر، التي تواصل استخدام منصتها الدبلوماسية للترويج لموقف متصلب، فيما يعكس أكثر فأكثر مأزقًا داخليًا تحاول التغطية عليه عبر قضية خارجية.

الدعاية عبر المنابر "الحقوقية" والبرلمانية

من جهة أخرى، يواصل ما يسمى بالمرصد الصحراوي للموارد الطبيعية بث اتهامات وبيانات تحريضية ضد الاستثمارات الدولية في الصحراء المغربية، في محاولة لعزل الأقاليم الجنوبية عن ديناميات التنمية المتسارعة.

الحضور المغربي: من الدفاع إلى المبادرة

المغرب لم يعد في موقع رد الفعل، بل انتقل منذ طرح مبادرة الحكم الذاتي إلى موقع المبادرة الدبلوماسية والسياسية. دعم القوى الكبرى، من الولايات المتحدة إلى دول أوروبية مؤثرة، فضلاً عن فتح قنصليات عربية وإفريقية في العيون والداخلة، كلها خطوات عملية تُحوِّل السيادة المغربية من مجرد مطلب قانوني إلى واقع ملموس على الأرض. هذا الواقع هو ما يثير انزعاج خصوم المغرب، ويدفعهم إلى تكثيف حملاتهم الإعلامية والدعائية.

السيادة كخيار استراتيجي لا رجعة فيه

القضية لم تعد مجرد صراع إقليمي بين المغرب والجزائر أو بين المغرب وجبهة انفصالية، بل أصبحت اختبارًا لمصداقية النظام الدولي في التعاطي مع الحقائق التاريخية والسياسية. استمرار بعض الدول في التمسك بخطاب متآكل لا يغير من حقيقة أن التنمية في الأقاليم الجنوبية المغربية، ومشاركة سكانها في الانتخابات والمؤسسات الوطنية، كلها شواهد على أن خيار السيادة المغربية ليس فقط قانونيًا بل أيضًا ديمقراطيًا وتنمويًا.

المواقف الصادرة عن كوبا أو الجزائر أو بعض الهيئات البرلمانية ليست سوى محاولات لإعادة إنتاج سرديات فقدت جاذبيتها أمام الواقع الميداني والدبلوماسي. المغرب، بسياساته الاستباقية ومشاريعه التنموية ومبادراته الدبلوماسية، يرسخ يومًا بعد يوم أن الصحراء جزء لا يتجزأ من ترابه الوطني، وأن أي حل خارج السيادة المغربية محكوم عليه بالفشل.

0 التعليقات: