الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، سبتمبر 27، 2025

سيرة الكاتب ستيفن كينغ: ملك الرعب وساحر السرد الحديث: ترجمة عبده حقي


يُعَدّ ستيفن كينغ واحداً من أكثر الكتّاب تأثيراً وانتشاراً في العالم، حتى بات اسمه مرادفاً للأدب الشعبي الذي يمزج بين الرعب والفانتازيا والدراما الإنسانية. فمنذ إطلالته الأولى برواية «كاري» في السبعينيات، فتح كينغ أبواباً جديدة في الكتابة الروائية، حيث جعل من اليومي المألوف أرضية خصبة لظهور الرعب الكامن في النفس والواقع على حدّ سواء.

وُلِد ستيفن إدوين كينغ في بورتلاند بولاية ماين الأمريكية، ونشأ في كنف والدته بعد غياب والده المبكر. هذه الطفولة المجبولة على الحرمان شكّلت خلفية لكثير من أعماله التي تتناول الخوف، العزلة، والهواجس الإنسانية. درس اللغة الإنجليزية في جامعة ماين، وبدأ مساره الأدبي بنشر قصص قصيرة في مجلات محلية، قبل أن يتفرغ للكتابة بعد نجاحه الأول. تزوج الكاتبة تابيثا سبرُوس سنة 1971، وظلت شريكته وداعمة لمسيرته الطويلة.

كتب كينغ أكثر من خمسين رواية وعشرات المجموعات القصصية، تُرجمت إلى معظم لغات العالم. وأكثر ما يميّز كتاباته هو اتساع عوالمها وتقاطعاتها الداخلية، حيث نجد خيوطاً تربط روايات تبدو مستقلة مثل ذا شينينغ وإت وذا ستاند، وكلها تصب في كون أدبي متكامل. وفي قلب هذا الكون تبرز سلسلة «البرج المظلم» (The Dark Tower) التي تُعَدّ بمثابة العمود الفقري لرؤيته الأدبية، إذ تجمع بين الرعب والخيال العلمي والملحمة الغربية.

أعمال أيقونية

لا تكاد قائمة الروايات الأشهر تخلو من اسم كينغ:

البريق (The Shining) الذي حوّله ستانلي كوبريك إلى فيلم كلاسيكي.

إت (It) الذي أطلق صورة المهرج المرعب في المخيلة الشعبية.

المسيرة الطويلة (The Stand)، عمل ملحمي عن نهاية العالم.

ميسري (Misery)، رواية عن هوس المعجبين وحدود العلاقة بين الكاتب والقارئ.

الميل الأخضر (The Green Mile)، التي قدمت جانباً إنسانياً وعاطفياً مختلفاً عن أعماله السابقة.

إلى جانب هذه الروايات، أصدر العديد من القصص القصيرة والمجموعات مثل ليالي مختلفة وأشياء ضرورية، التي لا تقل تأثيراً عن أعماله الكبرى.

أسلوب ورؤية

يُلقب ستيفن كينغ بـ«ملك الرعب»، لكن حصره في هذا الوصف قد يبدو تبسيطاً. فهو بارع في تصوير عوالم الطفولة، ديناميات المجتمع الصغير، وتحولات النفس البشرية أمام المجهول. الرعب عنده ليس مجرد وحوش أو أشباح، بل هو خوف داخلي يتسلل من تفاصيل الحياة اليومية. وهو أيضاً كاتب واسع الثقافة، يستشهد في مقالاته وكتاباته النقدية بتراث الأدب الأمريكي من إدغار آلان بو إلى فوكو، ما يضفي عمقاً على كتاباته.

شعبية وتأثير

يحظى كينغ بقاعدة جماهيرية هائلة، إذ أعماله نالت أكثر من 21 مليون تقييم وقرابة مليون مراجعة. روايات مثل ذا شينينغ وإت والميل الأخضر تتصدر قوائم القراءة، وغالباً ما تحظى بتقييمات تفوق 4 من 5 نجوم. كما تحولت معظم أعماله إلى أفلام ومسلسلات، ما ساعد في ترسيخ صورته ككاتب يتجاوز الأدب إلى الثقافة البصرية والشعبية.

إرث أدبي مفتوح

ما يميز ستيفن كينغ أنه لم يكتفِ بالنجاح الجماهيري، بل قدّم أيضاً إسهامات فكرية حول الكتابة. في كتابه «عن الكتابة » (On Writing)، اعتبر القراءة والكتابة شريانين للحياة الإبداعية، مؤكداً أن «الكتب سحر متنقل لا يُضاهى». هذه الرؤية تجعل من إرثه أكثر من مجرد قصص رعب، بل تجربة فكرية وأدبية شكّلت أجيالاً من الكتّاب والقراء.

0 التعليقات: