1
أنا الموجُ الذي خاف
أن يشيخَ في الميناء،
فأطلقتُ سفينتي نحوَ
العاصفة،
لا بحثًا عن نجاةٍ
بل عن معنى للكرامة،
الماءُ يفتحُ لي حدوده
كما يفتحُ الشعرُ جرحَه للهواء.
2
قلتُ للبحر: خذني حيثُ
لا حصارَ،
فابتلعَ خُطايَ وتركَ
لي اسمي طافيًا على الموج،
أنا العابرُ بين موتين:
موتِ الصمتِ وموتِ الرصاص،
وما بينهما تنمو رايةُ
الحياة.
3
في كل شراعٍ أرفعُ
قصيدتي،
وفي كل ميناءٍ أدفنُ
خوفًا قديمًا،
غزةُ ليست مدينةً فقط،
إنها قلبٌ يطفو فوقَ
الحديد.
4
المياهُ تعرفُ وجهي،
كلّ مرّةٍ أمرُّ فيها
تعلّمني شكلاً آخرَ من الصبر،
أغنّي كي لا أجنّ،
وأُبحر كي لا أموتَ
على اليابسة.
5
الريحُ ليست عدوّي،
إنها رسالةُ الغائبين
في المقابر البعيدة،
تدفعُني نحوَ الحصار،
لأرى من هناك وجهَ
الله بلا أسلاكٍ شائكة.
6
أنا المسافرُ في الملح،
أحملُ في جيبي مفاتيحَ
البيوتِ المهدومة،
وفي صدري أطفالًا لم
يكبروا بعد،
لكنّ البحرَ يعرفُ
أسماءهم واحدًا واحدًا.
7
حينَ تتكسّرُ الأمواجُ،
أجمعُ شظاياها كأنها
كلماتٌ سقطت من صلاة،
وأكتبُ بها على بدني:
«لن يُحاصَرَ مَن وُلِدَ من الموج.»
8
يا بحر، لا تبتلعْنا
قبلَ أن نصل،
نريد أن نزرعَ في شواطئ
غزة
زهرةَ العالمِ الجديدة:
كرامةٌ تمشي على قدمين
من طينٍ ودم.
9
أبحرُ، لا لأصل، بل
لأُعلِّمَ المدى معنى الحرية،
أحملُ على ظهري وطنًا
صغيرًا من الأمل،
وفي يدي مجدافٌ من
الشعر،
وفي عينيّ قبلةٌ تنتظرُ
على الرمل.
10
كلُّ موجةٍ تعلّمني
نطقَ كلمة "فلسطين" بطريقةٍ مختلفة،
مرّةً أقولها دمعة،
ومرّةً أغنية،
وآخرَ مرّةٍ أقولها
بصوتِ البحرِ نفسِه،
حينَ يغسلُ بالملحِ
قيودَ العالم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق