حوارمع القاص والروائي والإعلامي عبده حقي حاورته : الصحفية الموريتانية : سكينة انصيب
1 - ما هو المسار الذي تسلكه القصة الجديدة بالمغرب، من حيث خصائص الأسلوب وتقنيات الكتابة؟
ــ شكرا بداية على إنجازهذا الحوار وردا على سؤالك الأول أعتقد أن القصة القصيرة في المغرب تعرف إقلاعا متفردا منذ عشرسنين على مستوى العالم العربي تأنيثا وتذكيرا .. كما ونوعا ولعل ماساعادها على هذه الطفرة الناتئة هومرونة النشرالفوري التي وفرها الإنترنيت كوسيط تواصلي مفتوح على المتلقي العربي في جميع أنحاء المعمورعبرالمنتديات والمدونات والمواقع الموضوعاتية وشبكات التواصل الإجتماعي .. فقد برزت العشرات من الأصوات القصصية في العشرية الأخيرة وفرضت خصوصيتها السردية والحكائية باعتمادها أساسا على التجريب وآلياته وتقنياته التي جعلت المتن القصصي المغربي يقطع مع الإمتداد التقليدي حتى لانقول الكلاسيكي السبعيني والثمانيني ويتحول إلى طلقات من الومضات والرسائل المشفرة الخاطفة والتي أفضت أخيرا إلى شكل جديد هومايصطلح عليه بالقصة القصيرة جدا .
2- تعرف القصة في المغرب انتشارا مهما ما تأثير ذلك على الأدب المغربي؟
ـــ طبعا إن هذا التراكم الهائل واللافت في الإبداع القصصي في المغرب قد وسم الأدب المغربي إلى حد ما بأنه أدب "حكي"و"قص" يروم تمريرخطابه الجمالي والإديولوجي وتدوين راهنيته عبرالجملة السردية القصصية القصيرة التي تتلبس بهاجس القلق الزمني والوجودي الذاتي كما الإجتماعي .
3- غالبا ما يتحول الأديب من كاتب قصة الى كاتب رواية، لكن الأمر يختلف في المغرب حيث يتمسك القصاصون بهذا الجنس الأدبي، ماذا ينقص الأدباء المغاربة ليبدعوا في الرواية؟
ـــ بالعكس سيدتي فالكثيرمن كاتبات وكتاب القصة القصيرة في المغرب من إنعطفوا إلى مدارات الكتابة الروائية ويكفي أن أشيرفي هذا المقام إلى أن سنة 2013 قد عرفت إصدارمايناهز80عملا روائيا هذا فضلا عن حضورالأعمال الروائية في جل الجوائزالعربية والعالمية وأخيرا ليس كل كاتبة أوكاتب قصة أوقصيدة مرغم في محطة ما من ريبرتواره الإبداعي على كتابة رواية إذا لم يكن مستعدا لذلك وإذا لم يسعفه نفسه السردي على إنجازعمل روائي يتطلب رؤية إنسانية واستراتيجية سردية وإلماما واسعا بالتراكم العربي والعالمي وبكل صراحة إنني أكره اليوم معضلة التطاول على المسافات السردية الطويلة التي قد تؤدي ببعض المغامرين من الكتاب الشباب خصوصا إلى السكتة الأدبية في نصف الطريق وذلك بإنتاج أعمال روائية ممسوخة لاتتعدى في الغالب 80 صفحة .
4- اذا قارنا الحركة القصصية والشعرية في المغرب، ما هي النتيجة؟
ـــ أولا لامجال للمقارنة بين الجنسين الأدبيين فلكل منهما خصوصياته الأدبية والجمالية وأدوات متخبراته السردية وذائقته الفنية وقراؤه النوعيين ، لكن النتيجة في المحصلة واعدة في المستقبل ...
5- ماذا ينقص الأدب المغربي ليحقق الانتشار في المشرق؟
ـــ بل أكاد أقول ماذا ينقص القراء في الشرق العربي لكي يتعرفوا أكثرعلى الأدب المغربي بكل أجناسه وتنويعاته وروافده وأجياله .. لقد كان الكتاب المغاربة منذ بداية القرن العشرين ومازالوا منفتحين على الأدب المشرقي قراءة ونقدا ومواكبة ، فالعديد من الدراسات النقدية والبحوث الأكاديمية الجامعية في المغرب قد قاربت الظاهرة الأدبية المشرقية في مختلف تجلياتها الفكرية والأدبية خصوصا عند كبارالأدباء مثل نجيب محفوظ ومحمود درويش وأدونيس والطيب صالح وأمل دنقل وعزالدين المناصرة وغيرهم لكن في المقابل ماذا قدم أدباء ونقاد المشرق العربي للأدب المغربي من دراسات ونقود أدبية عدا القليل جدا من المحاولات التي إهتمت أساسا بتجارب روائية مغربية سبعينية وثمانينية معدودة على رؤوس الأصابع خصوصا عند محمد زفزاف في روايته "المرأة والوردة" ومحمد شكري و"الخبزالحافي" ومحمد برادة و"لعبة النسيان". فهل سنستطيع تجاوزهذا الخلل واللاتكافؤ النقدي مع شبكة الإنترنت إذا كان معضلة النشرالورقي في المغرب هي المشجب الذي يعلق عليه الدارسون المشارقة مختلف أعذارهم ؟؟
6- في السنوات الأخيرة، ظهرت كوكبة طموحة من كاتبات القصة في المغرب، كيف تقيم تجربتهن؟
ــ طبعا الفضل يعود أساسا إلى إنتشارالوسائط الجديدة والإرتقاء بالوعي الحقوقي النسوي منذ بداية تسعينات القرن الماضي التي أفرزت مجتمعا نسوانيا متحركا وديناميكيا في مختلف مجالات الإبداع والعطاء في السينما والمسرح والتشكيل والرياضة كما في الإبداع والنقد الأدبيين وخصوصا في مجالي الشعروالقصة القصيرة حيث برزت المئات من الأصوات النسائية المغربية التي تحررت من رقابة النشرالورقي وإكراهاته ومحدوديته المكانية وبالتالي فرضت حساسيتها وتفردها على المستوى العربي وأعتقد أن الفضل كل الفضل يعود إلى شبكة الإنترنت .
7- هناك الكثير من الجوائز الأدبية في المغرب والكثير من المهرجانات واللقاءات الثقافية التي تكرم الأدباء، هل هذه الجوائز تمنح فعلا لمستحقيها؟
ــ هذا سؤال يجب أن يوجه إلى الجهات المنظمة لهذه الجوائزوإلى الجهات الداعمة والممولة لها وإلى وسائل الإعلام التي تروج لها لكن البقاء دائما للأصلح والجوائزمهما كانت قيمتها الرمزية والمالية لن تصنع مبدعين وإن صنعتهم قسرا فهي لن تضمن لهم الإستمرارية في المغرب كما في كل مكان من العالم .
8- ما حقيقة التهم التي تلاحق النقاد المغاربة بإهمال النصوص الحقيقية والمواهب الجديدة والتركيز على الأسماء المعروفة؟
ــ تركيزالمقاربات النقدية على الأسماء المعروفة يعود أساسا إلى التجربة الرائدة لهذه الأسماء وعمق رؤيتها الإبداعية وتراكمها المشهود له وحضورها الوازن في المشهد الثقافي العربي مما يضفي على الدراسات النقدية المحتفية بها قيمتها النقدية والرمزية والأكاديمية أيضا .. لكن أعتقد أن الإحتفاء نقدا بإبداعات الشباب جديرأيضا بالإهتمام ليس على المستوى الفردي وإنما على مستوى مقاربة الظاهرة في شموليتها وخصوصياتها الجمالية والسوسيوثقافية ...
9- احتل النقد الأدبي بالمغرب مكانة متقدمة في الساحة النقدية العربية المعاصرة، ما العوامل التي أهلت الناقد المغربي ليصبح في هذه المكانة؟
ــ هناك العديد من العوامل الخاصة والعامة أذكرمنها على الخصوص دراسة العديد من هؤلاء النقاد منذ خمسينات القرن العشرين في الجامعات الشرقية في القاهرة وبغداد ودمشق ثم الإطلاع الواسع للعديد من النقاد والأكاديميين المغاربة على المذاهب والتيارات النقدية الأدبية الغربية وخصوصا الفرنسية رولان بارت مثلا وغيره وأخيرا الإقبال المشجع للباحثين الشباب على هذه الأعمال النقدية التي قد تسعفهم في إنجازبحوثهم الجامعية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق