الكاتب وحدود الإلتزام السياسي
يعتبرسارترفي ذاكرة الثقافة العالمية رمزا للكاتب الملتزم ، وقد أكد غير مامرة أن ليس هناك نصا محايدا
وخارجا عن سياق مرحلته التاريخية التي كتب فيها ، ماعدا القصيدة إذ أن أدواتها تأتلف من كلمات تشبه ألوان الرسم قد لا تحمل بالضرورة في بعض الأحايين أية رسالة أوخطاب هادف عدا حمولتها الجمالية وتفردها البصري …
إن النصوص الإبداعية الأخرى ـــ يؤكد سارترـــ تدعونا إلى تحديد موقفنا من العالم الذي نعيشه … فهي إما أنها تقدمه لنا في صورة إيجابية وتحثنا على تملكها والإحتفاظ بها ، أو تقدمه لنا في صورة سلبية وبالتالي تدعونا إلى تغييره . قد يبدو الأمر مريحا وبسيطا بالنسبة لنا إذا ما لجأنا إلى كتب التراث إذ أنها ليس لها تأثيرا مباشرا على الواقع الراهن ، لكن على كل كاتب أن يعلم أنه يتورط بشكل أو بآخر في كل ما يكتب ، كما أنه من جهة أخرى يورط معه متلقيه وقراءه على اختلاف مستوياتهم … فعليه أن يكتب وهو في حالة وعي تام بالتزامه وألا يغفل بأنه يكتب لمتلقين مخصوصين وأخيرا أنه يكتب تلبية لحالة فردية أو جماعية تكون في بعض الأحيان إستعجالية .
إلا أن هذا الطرح السارتري قد ألغى أو لنقل أغفل العديد من النقود ، فالعلاقة الوثيقة بين النضال الأدبي
والنضال السياسي لاتخلو من أخطارعديدة أولها أن الأدب الملتزم قد يشق لنفسه أتجاها نضاليا ويرى العالم
بعين واحدة أحادية بينما الأديب الحداثي لايلتقي دائما وبالضرورة مع أي تحول سياسي كيفما كانت الجهة
أوالتيارالذي يدعو إليه ومن جهة أخرى قد يقع الأدب تحت سلطة الدعاية السياسية الرخيصة والفجة وهكذا لربما نجد أنفسنا قد عدنا إلى أواخر الخمسينات من القرن الماضي الموسومة بمرحلة الإلتزام العضوي للكاتب الذي يجد نفسه في النهاية لايقول شيئا حين يتوهم أنه قد قال كل شيء تحت مظلة سياسية ما …
لقد أكد سارترعلى أننا لسنا مدعوين تحت شعارات الإلتزام لنقول أي شيء في لاشيء ، كما أنه لم يتردد في إدراج بعض الأمثلة التاريخية : ( فولتير ) و( إميل زولا) مثلا لكي يؤكد أنه على الكاتب أن يتحمل مسؤوليته التاريخية فيما يقول أو ليصمت …
عبده حقـــــــي
0 التعليقات:
إرسال تعليق