الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، نوفمبر 10، 2023

نص سردي "أجنحة الحظ" (1) عبده حقي


أجد نفسي أسير رقصة مروعة يقودها الحظ بأجنحة متغيرة وخادعة. لقد رفعتني بخفة عابرة نحو سماء الأوهام، حيث بدت السعادة أخيرًا في المتناول. ولكن فجأة، ودون سابق إنذار، انفجرت الألعاب النارية الشريرة في السماء، وملأ الهواء بآلاف الطلقات الصوتية، وأبادتني بانفجاراتها غير متوقعة. سكاكين غير مرئية، خرجت من الظل، اخترقت كياني، ومزقت أحلامي وزخمي.

لقد أخذني الحظ، هذا الرفيق القاسي، إلى بلد بعيد، مملكة السراب والأوهام. ظننت أنني ألامس السماء، أستحم في لذة السعادة الواعدة العابرة. ومع ذلك، فإن الواقع، البارد والعنيد، ذكّرني بعنف بقسوة قدري. لقد ألقيت من علو هذا النعيم المصطنع نحو أرض وطني، أرض مألوفة لكنها الآن تحمل ندوب خيبة الأمل.

لقد حملني الحظ، أيتها الإلهة ذات الأجنحة الهشة، فوق العذابات والشكاوى، ومنحتني لحظة راحة من الظلام الذي يحيط بقلوب البشر. ومع ذلك، في لحظة جنون، سقطت علي مجموعة مراوغة، كامنة في ظلال القمم العالية، مثل انهيار جليدي عنيد. يبدو أن هذه المجموعة، التي تقاتل منذ زمن سحيق، قد وقعت علي مثل القدر نفسه. وهكذا سقطت مرة أخرى على أرض الماضي، الماضي الذي يستمر الآن إلى الأبد في حاضري.

أشعر كأنني كائن مرمي في أيدي القدر المتقلبة، منجرفًا بعيدًا في زوابع مراوغة حيث يمتزج الفرح الزائل بالأكتاف مع معاناة ثابتة. يبدو أن الموت يرقص من حولي، مختبئًا في كل ركن من أركان هذا الوجود الغامض.

أجنحة الحظ، التي كانت قوية وهشة، قدمت لي فترة راحة قصيرة، هروبًا سريعًا إلى عالم أثيري حيث يبدو الهم ممكنًا. لكن الواقع القاسي الذي لا يرحم، لحق بي، ودفعني بوحشية نحو أرض أصولي، حيث كانت الحقيقة العارية تنتظرني.

وفي هذا الدافع المأساوي، أجد نفسي في مواجهة الواقع القاسي، وأعيد الاتصال بالماضي الذي يرفض أن يتبدد. يبدو أن الموت، الكامن في ثنايا القدر، يهمس باسمي في كل منعطف في حياتي. إنه يتسلل بمهارة إلى خطواتي، مذكرًا بهشاشة كل لحظة، وعدم استقرار الوجود بأكمله.

يتبع


0 التعليقات: